من اعتقد الحلال حراماً أو بالعكس فإنه يكفر، إذا كان الحرام حراماً لعينه قد حرمه الإسلام من أول الأمر كالزنا والسرقة وبيع الميتة وتزوج المحارم، فإن الإسلام قد حرم ذلك ابتداءً لما فيه من المفاسد والمضار.
أما إذا كان الحرام حراماً لغيره، وهو ما يكون مشروعاً في الأصل ولكن اقترن به عارض اقتضى تحريمه كالبيع إذا اشتمل على الربا، أو الصوم إذا كان يوم العيد، فإن الصوم في ذاته مشروع ولكنه لما اقترن بيوم العيد المحرم صيامه، صار حراماً لهذا العارض، وكذلك البيع، فهو حلال، ولكن لما خالطه الربا صار حراماً، وهكذا.
ومنكر الحرام لغيره يكفر، كمنكر الحرام لذاته إذا ثبتت الحرمة بدليل قطعي الثبوت كالقرآن والسنة المتواترة والمشهورة، وقطعي الدلالة، بحيث لا يحتمل تأويلاً آخر.
أما إذا كان الدليل ظني الثبوت، كسنة الآحاد، وظني الدلالة يحتمل معنى آخر، فإنه يكون محلاً لاختلاف المجتهدين.
ولتحري طلب الحلال، واجتناب الحرام، واتقاء الشبهات، في حياة المسلم، أهمية قصوى، حيث يتوقف على ذلك شرعية منهاجه، وسلوكه في الدنيا، ومصيره في الآخرة، ويتجلى مظهر الامتثال لأوامر الله تعالى ورسوله، والانتهاء عما نهى الله تعالى عنه ورسوله، في الاقتصار على الحلال دون الحرام والشبهات، والرغبة في الخير دون الشر، وذلك في شتى الميادين، وجميع المجالات: في المأكل والمشرب، والملبس، والعمل، والمعاملات، والكسب، والبيع والشراء، ومجال الغريزة، والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية، وكذا العلاقات العامة ... إلخ.