ولما مات العاضد غسله ابنه داود وصلى عليه، وجلس على الشدة، واستدعى صلاح الدين ليبايعه، فامتنع، وبعث إليه: أنا نائب عن أبيك في الخلافة ولم يوص بأنك ولي عهده. وقبض عليه وعلى بقية أولاد العاضد وأقاربه في سادس شعبان سنة تسع وستين وخمسمائة، ونقله هو وجميع أقاربه وأهله إلى دار المظفر من حارة برجوان في العشر الأخير من شهر رمضان، ووكل عليهم وعلى جميع ذخائر القصر، وفرق بين الرجال والنساء حتى لا يحصل منهم نسل. وأغلقت القصور وتملكت الأملاك التي كانت لهم، وضربت الألواح على رباعهم وفرقت على خواص صلاح الدين كثير منها وبيع بعضها. وأعطى القصر الكبير لأمرائه فسكنوا فيه. وأسكن أباه نجم الدين أيوب في اللؤلؤة على الخليج، وصار كل من استحسن من الغز داراً أخرج صاحبها منها وسكنها.
ونقلوا إلى قلعة الجبل، وهم ثلاثة وستون نفراً، في يوم الخميس ثاني عشري رمضان سنة ثمان وستمائة، فمات منهم إلى ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة ثلاثة وعشرون. وتولى وضع القيود في أرجلهم الأمير فخر الدين الطبنا أبو شعرة بن الدويك والي القاهرة.
قال المهدي أبو طالب محمد بن علي، ابن الخيمي: وفي سنة ثلاث وعشرين وستمائة عوقبت بالقلعة، فوجدت بها من الأشراف أربعين شريفاً وهم: الأمير سليمان بن داود ابن العاضد، وأبو الفتوح بن العاضد، وحيدرة بن العاضد، وجبريل بن العاضد، وعلي بن