لما كان عليه العاضد وأشياعه من انحلال العقيدة وفساد الاعتقاد وكثرة الوقوع في الصحابة، وكان أكثرهم مبالغة في الفتيا الصوفي المقيم في المسجد وهو نجم الدين الخبوشاني فإنه عدد مساوئ القوم وسلب عنهم الإيمان، وأطال الكلام في ذلك؛ فصحت بذلك رؤيا العاضد.

وحكى الشريف الجليس أن العاضد طلبه يوماً، فلما دخل عليه رأى عنده مملوكين من الترك عليهما أقبية، فسأله عنهما، فقال له: هذه هيئة الذين يملكون ديارنا ويأخذون أموالنا؛ فلما دخل الغز كانت هيئتهم كهيئة هذين المملوكين.

ومن العجيب أنه لم يمت بالقصر منهم إلا المعز أولهم بمصر والعاضد آخرهم، وعدتهم أربعة عشر دفنوا كلهم بالتربة في المجلس؛ فلو اتفق أنه مات آخر لم يوجد له عندهم مكان يدفن فيه لامتلائه بقور الأربعة عشر، وهذا أيضاً من عجيب أمرهم.

ولما مات العاضد استولى صلاح الدين على جميع ما كان في القصر، فإن قراقوش قام بحفظه، فلم يجد فيه كثير مال، لكنه وجد فيه من الفرش والسلاح والذخائر والتحف ما يخرج عن الإحصاء، ووجد فيه من الأعلاق النفيسة والأشياء الغريبة ما تخلو الدنيا من مثله، ومن الجواهر ما لا يوجد عند غيرهم مثله. منها حبل ياقوت زنته سبعة عشر درهماً أو سبعة عشر مثقالا، ونصاب زمرد طوله أربعة أصابع في عرض كبير، ولؤلؤ كثير،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015