ولم يبق إلا وقوع الشر. فقال المستنصر لهم خيراً، وأمر بإحضار الأفضل بن أمير الجيوش، وقرر في الوزارة مكان أبيه، وبطل أمر لاون، فاستمر إلى ليلة الخميس الثامن عشر من ذي الحجة.

وفيها مات الخليفة المستنصر بالله أبو تميم معد، فلما كان عند موته حصل رعد عظيم وبرق كثير ومطر غزير؛ وعمره يومئذ سبع وستون سنة وخمسة أشهر؛ منها في خلافته ستون سنة وأربعة أشهر وثلاثة أيام، مرت به فيها أهوال عظيمة، وشدائد آلت به إلى أن جلس على نخ، لا يجد من القوت إلا ما تتصدق به عليه الشريفة ابنة صاحب السبيل في كل يوم، فلا يأكل غير مرة واحدة في اليوم من قعب فتيت تبعث بها إليه، كما قد تقدم ذلك.

وكان قد قوي أمره وقام بتدبير وزارته عند إقامته في الخلافة وزير أبيه علي بن أحمد الجرجرائي، فمشت الأحوال على سداد إلى أن مات، فحكمت أمه في الدولة وولت أبا سعيد ابراهيم اليهودي التستري وزارتها، فصار هو الذي يلي الوساطة ويدبر الأموال إلى أن قتل. فلما كانت سنة اثنتين وستين اختلطت الأمور وتعاظم الأمر، فكان من الغلاء والفتن والبلاء والنهب ما تقدم ذكره.

وولي وزارته أربعة وعشرون وزيراً، وهم: أبو القاسم الجرجرائي إلى أن مات وزيراً في سنة ست وثلاثين؛ فولي أبو منصور صدقة بن يوسف الفلاحي إلى أن قتل في سنة تسع وثلاثين؛ فولي عماد الدولة أبو البركات الحسين بن محمد الجرجرائي مرتين إلى أن عزل في سنة أربعين؛ فولي صاعد بن مسعود أبو الفضل وصرف في سنة اثنتين وأربعين؛ فاستقر أبو محمد اليازوري مضافاً إلى القضاء والتقدمة على الدعاة، ولم يجمع ذلك لأحد قبله، إلى أن قبض عليه في محرم سنة خمسين؛ فاستوزر أبو الفرج عبد الله بن محمد البابلي ثم صرف بعد شهرين وأربعة عشر يوماً. واستقر أبو الفرج محمد بن جعفر بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015