دخلت على العزيز وهو مطرق كأنه يخاطب نفسه، فبعد وقت رفع رأسه، وقال: أي وقت جئت؟ فقلت: من ساعة.
فقال: كنت مفكرا في قوم أشجو صدري، وملأوا بالغيظ قلبي، ولا أدري ما أعمل.
فقلت: يا مولانا ابعث إليهم فاقتلهم.
فقال: ما هذا يكون بيدي، ولكنه والله سوف يجيء من يقتلهم ويقتلك معهم.
وأرى الحاكم قد قتل جماعة ولا بد له مني. وكذا كان.
وقال القرطي: كان المثل يضرب بأيام العزيز في مصر، لأنها كانت كلها أعياداً وأعراسا.
وقال ابن الأثير: قيل إنه ولي عيسى بن نسطورس النصراني كتابته، واستناب بالشام يهوديا اسمه منشا إبراهيم بن القزاز، فاعتز بهما النصارى واليهود، وآذوا المسلمين، فعمد أهل مصر وكتبوا قصة وجعلوها في يد صورة عملوها من قراطيس، فيها: بالذي أعز اليهود بمنشا، والنصارى بعيسى بن نسطورس، وأذل المسلمين بك، إلا كشفت ظلامتي.
وأقعدوا تلك الصورة على طريق العزيز، والرقعة بيدها؛ فلما رآها أمر بأخذها، فإذا الصورة من قراطيس، فعلم ما أريد بذلك، فقبض عليهما، وأخذ من عيسى بن نسطورس ثلاثمائة ألف دينار، ومن اليهودي شيئاً كثيراً.
وكان يحب العفو ويستعمله، فمن حلمه: