والحكمة فيه المبالغة في النفي لكنه لا يبلغ به الإشباع بل يقتصر فيه على التوسط لضعف سببه عن الهمز, هذا ما تيسر من ذكر حكم المد في حروفه.
وأما حرفا اللين الياء والواو الساكنان المفتوح ما قبلهما فاختلف في إلحقاهما بحروف المد؛ لأن فيهما شيئا من الخفاء وشيئا من المد, وإنما يسوغ الإلحاق بسببية الهمز مع الاتصال أو السكون فإذا وقع بعدهما همزة متصلة واحدة "كشيء" كيف وقع و"كهيئة"، و"سوءة"، و"السوء" ففيه وجهان عن ورش من طريق الأزرق: أولهما الإشباع وإليه ذهب المهدوي واختاره الحصري, وهو أحد الوجهين في الهادي والكافي والشاطبية, ويحتمل في التجريد, الثاني: التوسط وإليه ذهب مكي والداني, وبه قرأ على أبي القاسم خلف وفارس بن أحمد, وهو الثاني في الكافي والشاطبية وظاهر التجريد وذكره الحصري أيضا في قصيدته, وخرج بقيد الاتصال نحو: "خلوا إلى"، "ابني آدم" [البقرة الآية: 14] , [المائدة الآية: 27] .
تفريع: إذا اجتمع حرف اللين مع مد البدل حالة الجمع كقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} يحصل للأزرق أربعة أوجه, القصر في مد البدل على التوسط في شيء طريق مكي وابن بليمة وطاهر بن غلبون, والتوسط على التوسط طريق مكي وابن بليمة والداني والطويل في مد البدل عليه التوسط والطويل في شيء, فالأول طريق مكي والداني من قراءته على فارس وأحد وجهي الهادي والكافي والتجريد, والثاني طريق العنوان وثاني الهادي والكافي والتجريد وقس على ذلك نحو: {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ} إلى قوله: {فِي الْآخِرَةِ} فالتوسط في حرف اللين عليه الثلاثة في مد البدل في "الآخرة" لما تقدم, والطويل في مد البدل على الطويل في اللين فقط لما تقدم.
ثم إنهم أجمعوا على استثناء كلمتين وهما "موئلا" [الكهف الآية: 58] و"الموؤدة" [التكوير الآية: 8] أي: الواو الأولى فيهما لعروض سكونهما؛ لأنهما من وأل ووأد.
واختلف في واو "سوآتهما، سوآتكم" [الأعراف الآية: 22] و [طه الآية: 121] فلم يستثنها الداني في شيء من كتبه ولا الأهوازي في كتابه الكبير واستثناها صاحب الهداية.