مقدمة

...

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جمع ببديع حكمته أشتات العلوم بأوجز كتاب, وفتح بمقاليد هدايته مقفلات الفهوم لأفصح خطاب, أنزله بأبلغ معنى وأحسن نظام وأوجز لفظ وأفصح كلام, حلوا على ممر التكرار جديدا على تقادم الأعصار, باسقا في إعجازه الذروة العليا، جامعا لمصالح الآخرة والدنيا, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, الذي بمشيئته تتصرف الأمور, وبإرادته تنقلب الدهور وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي جعل كتابه خير كتاب, وصحابته أفضل أصحاب, تلقوه من فيه الكريم غضا وواظبوا على قراءته تلاوة وعرضا, حتى أدوه إلينا خالصا مخلصا -صلى الله عليه وسلم- وعلى جميع الآل والأصحاب, وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم المآب.

وبعد: فلما كان عام اثنين وثمانين بعد الألف ومنّ الله تعالى بالرحلة إلى طيبة المنورة زادها الله تعالى نورا وشرفا ومهابة والمجاورة بها, صحبني فيها جماعة من فضلائها في قراءة القراء السبع, وبعضهم في العشر بما تضمنته طيبة النشر لحافظ العصر أبي الخير محمد شمس الدين بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري1 رضي الله تعالى عنه وأرضاه, فخطر لي بعد ذلك أن ألخص ما صح وتواتر من القراءات العشر حسبما تضمنته الكتب المعتمدة المعول عليها في هذا الشأن, ككتاب النشر في القراءات العشر وطيبته وتقريبه للشيخ المذكور الذي ترجموه بأنه لم تسمح الأعصار بمثله ووصف كتابه النشر بأنه لم يسبق بمثله, وكشرح طيبته للإمام أبي القاسم العقيلي الشهير بالنويري2, وككتاب اللطائف للشهاب المحقق أحمد بن محمد بن أبي بكر القسطلاني3 شارح البخاري, ثم وقع الإعراض عن ذلك فحثنى عليه شديدا بعض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015