...
باب مذاهبهم في ياءات الإضافة:
وهي ياء زائدة آخر الكلمة فليست بلام الفعل, وتتصل بالاسم وتكون مجرورة المحل نحو: "نفسي، ذكري" وبالفعل منصوبة المحل نحو: "فطرني، ليحزنني" وبالحرف منصوبته ومجرورته نحو: "إني، ولي" فإطلاق هذه التسمية عليها تجوز حيث جاءت منصوبة المحل كما ترى, ويصح أن تحذف وأن يكون مكانها هاء الغائب وكاف المخاطب, فتقول في "نفسي، وفطرني" نفس وفطر ونفسه وفطره ونفسك وفطرك, وقد خرج عن ذلك نحو: "الداعي، وأتهتدي، وإن أدري، وألقي إلي، وقل أوحي إلي".
ثم إن: الفتح والإسكان فيها لغتان فاشيتان في القرآن, وكلام العرب والإسكان فيها هو الأصل الأول؛ لأنها مبنية والأصل في البناء السكون والفتح أصل ثان؛ لأنه اسم على حرف غير مرفوع فقوي بالحركة, وكانت فتحة للتخفيف.
وقد انحصر الكلام في هذه الياء في قسمين: الأول: متفق عليه وهو ضربان: الأول: مجمع على إسكانه, وهو الأكثر نحو: "إني جاعل، واشكروا لي، وإني فضلتكم، فمن تبعني فإنه مني" وجملته خمسمائة وست وستون, الثاني: ما أجمع على فتحه, وذلك لموجب, وهو إما أن يكون بعدها ساكن لام تعريف أو شبهه, ووقع في إحدى عشرة كلمة في ثمانية عشر موضعا منها "نعمتي التي، وحسبي الله، بي الأعداء" أو يكون قبلها ألف نحو: "هداي" ووقع في ست كلمات أو ياء نحو: "إلي، وعلي" ووقع في تسع.
القسم الثاني: ما اختلف في إسكانه وفتحه ووقع في مائتين واثنتي عشرة ياء, وتنقسم باعتبار ما بعدها ستة أنواع؛ لأنه إما همز أو غيره, والهمز إما قطع وهو ثلاثة باعتبار حركته, أو وصل وهو إما مصاحب للام أو مجرد عنه1.
النوع الأول: وهو همزة القطع المفتوحة وقعت في مائة وثلاث اختلف منها في تسع وتسعين موضعا تأتي إن شاء الله تعالى مفصلة في محالها, ثم مجملة آخر السور نحو: "إني أعلم، فاذكروني أذكركم" فأصل نافع وابن كثير وأبي عمرو وكذا أبو جعفر فتحهن, وافقهم ابن محيصن واليزيدي وأصل الباقين تسكينهن, إلا أنهم اختلفوا في خمسة وثلاثين موضعا.
فقرأ: نافع وأبو عمرو وكذا أبو جعفر بفتح سبع ياءات من ذلك وهي "مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ" [الكهف الآية: 102] و"إِنِّي أَرَانِي" الأولان بـ[يوسف الآية: 36] و"يَأْذَنَ لِي أَبِي" فيها و"اجْعَلْ لِي آيَة [بآل عمران الآية: 41] و [مريم الآية: 10] و"ضَيْفِي أَلَيْس" [بهود الآية: 78] وافقهم اليزيدي.
وقرأ هؤلاء بفتح "يَسِّرْ لِي أَمْرِي" [طه الآية: 26] وافقهم الحسن.
وقرأ: ابن كثير وورش من طريق الأصبهاني بفتح "ذَرُونِي أَقْتُل" [غافر الآية: 26] وافقهم ابن محيصن.
وقرأ نافع والبزي وأبو عمرو وكذا أبو جعفر "إِنِّي أَرَاكُم" [هود الآية: 84]