جهل حاله ولا علامة تدل على طيب ماله، من غير سؤال فإن رأى فيه علامة تدل على الفساد كهيئة الظلمة، أو تساهله في فصل الحرام وجب السؤال، أو دلت العلامة على أن أكثر ماله حرام وإلا كان السؤال ورعا. انتهى.
والقياس عدم وجوب السؤال، وإن دلت العلامة على أن أكثره حراسم، وإيجاب الغزالي به مبني على طريقته، أنه حرام معاملة من أكثر ماله حرام، ومر أنه طريقة شاذة، فإن عرف من حاله ما يحصل ظن حل ماله، حرام السؤال، أو ظن حرمته وجب السؤال. انتهى. والقياس أن لا وجوب نظير الذي قبله، قال: ولو تعلق الشك بالمال بأن اختلط حلال بحرام في سوق فلا يلزم المشتري من أهله السؤال إلا إن غلب الحرام. انتهى.
والقياس عدم الوجوب، وإن غلب الحرام ثم رأيت بعضهم أشار في بعض تلك الصور إلى ما ذكرته من بناء السؤال على رؤية حرمة معاملة من أكثر ماله حرام، والمذهب خلافه في الأنوار: لا يجوز مبايعة من حرم ماله كله، كالخمار، والمكاس، والبغي، ويجب السؤال ممن يعرف حال أمواله، ولا تسأل عنه إذ لا ثقة بقوله، والورع لمن يشتري شيئا للأكل أوغيره أن يشتري بثمن في ذمته، فإنه يملكه قطعا وعند الشراء بالعين لا يقطع بذلك. وظاهر: أنه إنما يقطع بملك المبيع إذا قطع بملك بائعه له، لكونه اصطاده مثلا، بخلاف من ملكه بمعاوضة، أو مجانا، وإنما يأتي الشك في الثمن العين، حيث لم يقطع بملك المشتري به لكونه أخذه من معدن مثلا، وإلا فلا شك وإن أخذ من غيره مالا بتمليك بعوض أو بغيره أو بإباحة ظانا أنه ملكه اعتمادا على الظاهر، وأكله وهو مغصوب في الباطن، فهل يطالب بما أكله في الآخرة؟ أفتى البغوي بأن المأخوذ منه إن كان ظاهره الخير فأرجو أن لا يطالب، أو ممن يلطخ ماله بالحرام طولب به. انتهى.