الباب الرابع
صدقة التطوع
إعلم أن صدقة التطوع سنة للأحاديث الكثيرة الشهيرة، وقد قدمنا أكثرها، وقد يعرض لها ما يحرمها، كأن يعلم من أخذها أنه يصرفها في معصية، وينبغي أن يحمل العلم في كلامهم على ما يشمل الظن، نظير ما قالوه من أن الإنسان إذا علم رضي صديقة بالأخذ من ماله، جاز له الأخذ ولو بغير إذنه، قالوا والظن هنا كالعلم، فإذا ألحقوه به هنا ففيما نحن فيه أولى أن يلحق به.
ثم رأيتني ذكرت في حاشية العباب ما يوافق ذلك، حيث قلت عقب قولهم القرض قربة لأنه فيه إعانة على كسب، قربة غالبا، نعم إن غلب على ظن المقرض أن المقترض يصرف ما اقترضه في معصية أو مكروه، لم يكن قربة، كما يأتي في الشهادات، مع بيان أنه إنما يجوز الإقتراض لمن علم من نفسه الوفاء، أي بأن كان له جهة ظاهرة وعزم على الوفاء منها، وغلا لم يجز، إلا يعلم المقرض أنه عاجز عن الوفاء، ويعطيه فلا يحرم وأن الحق له فقد أسقطه بإعطائه مع علمه بحاله، فعلم أنه لا يحل لفقير إظهار الغنى عند الإقتراض لأن فيه تغريرا للمقرض كما في المضطر، والاقتراض كعادم للمال إذا وهب له.
وقد يحرم القرض كأن يعلم المقرض من الآخذ أنه يصرف ما اقترضه في معصية، قلته تخريجا ثم رأيت بعضهم صرح به فقال: وقد يكره كما إذا غلب على ظنه أنه ينفقه في مكروه، ويحرم كما إذا غلب أنه يصرفه في معصية.
انتهت عبارة الحاشية المذكورة مع بعض زيادة عليها.