وَفِي «تَفْسِيرِ القُرْطُبِيِّ»: «وَقِيلَ: اللَّوْحُ المَحْفُوظُ هُوَ الَّذِي فِيهِ أَصْنَافُ الخَلْقِ وَالخَلِيقَةِ، وَبَيَانُ أُمُورِهِمْ، وَذِكْرُ آجَالِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَالأَقْضِيَةِ النَّافِذَةِ فِيهِمْ وَمَآلِ عَوَاقِبِ أُمُورِهِمْ، وَهُوَ أُمُّ الكِتَابِ» (?).

قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا: فَهَلَّا اكْتُفِيَ بِمَا كُتِبَ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ عَنْ كِتَابَةِ أَعْمَالِنَا فِي الصُّحُفِ وَفِي الكِتَابِ المُشَارِ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} (?)؟!

وَلَعَلَّ الجَوَابَ: أَنَّ المَكْتُوبَ فِي اللَّوْحِ المَحفُوظِ عَامٌّ يَشْمَلُ الأَعْمَالَ وَغَيْرَهَا، فَاقْتَضَتِ الحِكْمَةُ الإِلَهِيَّةُ لِذَلِكَ انْفِرَادَ الأَعْمَالِ بِكِتَابٍ يَخُصُّهَا، كَمَا اقْتَضَتْ - أَيْضًا - مَعَ ذَلِكَ كِتَابَةَ عَمَلِ كُلِّ إِنْسَانٍ بِكِتَابٍ يَخُصُّهُ - كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} (?) -.

وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ (?) عَلَى مَزِيدِ الضَّبْطِ وَالحِسَابِ؛ كَمَا يَقَعُ لِكَتَبَةِ الدَّوَاوِينِ - اليَوْمَ - مِنْ ضَبْطِهِمُ الحِسَابَ فِي دَفْتَرٍ (?) بَعْدَ دَفْتَرٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015