وقال لي عيسى بن أحمد الهمذاني: لم ينظر في كتب البرقاني كلها من أصحاب الحديث غير أبي الحسن النعيمي فإنه نظر في جميعها وعلق منها.

سألت الأزهري فقلت: هل رأيت في الشيوخ أتقن من البرقاني؟ فقال: لا، سمعت أبا محمَّد الخلال ذكر البرقاني فقال: كان نسيج وحده.

حدثني محمَّد بن يحيى الكرماني الفقيه قال: ما رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادة من البرقاني.

حدثنا أبو بكر البرقاني قال: دخلت إسفرايين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم واحد فضاعت الدنانير مني وبقي معي الدرهم حسب، فدفعته إلى بقال وكنت آخذ منه في كل يوم رغيفين وآخذ من بشر بن أحمد جزءًا من حديثه، وأدخل مسجد الجامع فأكتبه وأنصرف بالعشي وقد فرغت منه، فكتبت في مدة شهر ثلاثين جزءًا، ثم نفد ما كان لي عند البقال فخرجت عن البلد.

وقال لنا أيضًا: كان أبو بكر الإسماعيلي يقرأ لكل واحد ممّن يحضره ورقة بلفظه ثم يقرأ عليه، وكان يقرأ لي ورقتين ويقول للحاضرين: إنما أفضله عليكم لأنه فقيه.

أنشدنا البرقاني لنفسه من المتقارب:

أُعَلِّلُ نَفْسِي بِكَتْبِ الْحَدِيثِ ... وَأَحْمِلُ فِيهِ لَهَا الْمَوْعِدَا

وَأَشْغَلُ نَفْسِي بِتَصْنِيفِهِ ... وَتَخْرِيجِهِ دَائِمًا سَرْمَدَا

فَطَوْرًا أُصَنِّفُهُ في الشُّيُوخِ ... وَطَوْرًا أُصَنِّفُهُ مُسْنَدَا

وَأَقْفُو الْبُخَارِيَّ فِيمَا نَحَاهُ ... وَصَنَّفَهُ جَاهِدًا مُجْهَدَا

وَمُسْلِمَ إِذْ كَانَ زَيْنَ الْأنامِ ... بِتَصْنِيفِهِ مُسْلِمًا مُرْشِدَا

وَمَالِي فِيهِ سِوَى أَنَّنِي ... أَرَاهُ هَوًى صَادَفَ الْمَقْصِدَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015