وبعدها من أبي حامد بن بلال ... وكاد أن يسمع من ابن الشرقي، وكان إماما في المذهب، متبحرا في علم الشروط، له فيه مصنف، بصيرا بالعربية، كبير الشأن، وكان إمام أصحاب الحديث ومسندهم ومفتيهم وقال: قال عبد الغافر بن إسماعيل: أملى نحوا من ثلاث سنين، ولولا ما اختص به من الإقتار وحرفة أهل العلم لما تقدم عليه أحد، وقد روى عنه من أقرانه الحاكم ابن البيع، مات في شعبان سنة عشر وأربعمائة، رحمه الله (?).
قال السبكي: الفقيه الشيخ أبو طاهر الزيادي، إمام المحدثين والفقهاء بنيسابور في زمانه، وكان شيخا أديبا عارفا بالعربية، سلمت إليه الفقهاء الفتيا بمدينة نيسابور والمشيخة، وله يد طولى في معرفة الشروط، وصنف فيه كتابا، وكان مع ذلك فقيرا، وبقي يملي ثلاث سنين، ولد سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وسُمع منه سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وبعدها، وتفقه سنة ثمان وعشرين، وأدرك أبا حامد الشرقي ولم يسمع منه، روى عنه أبو عبد الله الحاكم وذكره في تاريخه وقد مات قبله، وأخذ الفقه عن أبي الوليد وأبي سهل، وعنه أخذ أبو عاصم العبادي وغيره، وكان والده من العباد الصالحين، وإنما عرف بالزيادي فيما يظهر من كلام أبي سعد لأن زيادا اسم لبعض أجداده، ويؤيده تصريح أبي عاصم العبادي بأنه منسوب إلى بشير بن زياد، وقال شيخنا الذهبي تبعًا لعبد الغافر الفارسي: إنما قيل له الزيادي؛ لأنه سكن ميدان زياد بن عبد الرحمن بنيسابور.
قلت -يعني السبكي-: ويشبه أن يكون ما ذكره أبو عاصم تصريحا وأبو سعد تلويحا أصح مما ذكره عبد الغافر، ذكره أبو عاصم في الطبقة الخامسة وكان من حقه أن يذكر في الرابعة، ولكنه قال: إنما أخرته إلى الخامسة لامتداد عمره.