قال الصريفيني: قال عبد الغافر الفارسي في تاريخه: عبد القاهر بن طاهر بن محمَّد البغدادي أبو منصور الأستاذ الكامل ذو الفنون، الفقيه الأصولي الأديب الشاعر النحوي، الماهر في علم الحساب، العارف بالعروض، ورد نيسابور مع أبيه أبي عبد الله طاهر بن محمَّد البغدادي التاجر وكان ذا مال وثروة ومروءة، تفقه على أهل العلم والحديث، وهذا ابنه أنفق ماله على العلم حتى افتقر ولم يكتسب بعلمه مالًا، وكان سخي النفس طيب القلب حسن الأخلاق، صنف في العلوم، وأربى على أقرانه في الفنون، ودرس في سبعة عشر نوعا من العلوم، وكان قد درس على الإمام أبي إسحاق الإسفراييني وأقعد بعده للإملاء في مسجد عقيل مكانه فأملى سنين، واختلف إليه الأئمة فقرءوا عليه، مثل ناصر المروزي وزين الإسلام القشيري وغيرهم، وتلمذوا له واستفادوا منه، وكان كثير الحديث كثير الشيوخ، خرج من نيسابور في أيام التركمانية وفتنتهم إلى إسفرايين فمات بها سنة سبع وعشرين وأربعمائة، ودفن بجنب أبي إسحاق (?).
قال أبو المظفر الإسفراييني: ولو لم يكن لأهل السنة والجماعة من مصنف لهم في جميع العلوم على الخصوص والعموم إلا من كان فرد زمانه وواحد أقرانه في معارفه وعلومه وكثرة الغرر من تصانيفه وهو الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر ابن محمَّد البغدادي التميمي قدس الله روحه وما من علم من العلوم إلا وله فيه تصانيف، ولو لم يكن له من التصانيف إلا كتاب الملل والنحل في أصول الدين وهو كتاب لا يكاد يسع في خاطر بشر أنه يتمكن من مثله لكثرة ما فيه من فنون علمه وتصانيفه في الكلام والفقه والحديث والمقدرات التي هي أم الدقائق تخرج عن الحصر لم يسبق إلى مثل كتبه في هذه الأنواع مع حسن عبارته وعذوبة بيانه ولطافة كلامه في جميع كتبه (?).