وتوفي سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وكان أطروشا لا يسمع شيئًا، وكان يقرأ على الحاضرين مجلسه بنفسه، وكان أوجه من قرأ اللغة على إسماعيل الجوهري (?).

قال الثعالبي: أبو سعد عبد الرحمن بن محمَّد بن دوست من أعيان الفضلاء بنيسابور وأفرادهم، يجمع من الفقه والأدب بين التمر والرطب، ومن النظم والنثر بين الياقوت والدر، وشعره كثير الْمُلَح والنكت حسن الديباجة، كأنه يصدر عن طباع المفلقين من شعراء العراق (?).

قال الباخرزي: الحاكم أبو سعد عبد الرحمن بن محمَّد بن دوست، ليس اليوم بخراسان أدب مسموع إلا وهو منسوب إليه، متفق بالإجماع عليه، وكان أصم أصلخ (?) يضع الكتاب في حجره ويؤديه بلفظه، فيُسْمِع ولا يَسْمَع كالْمِسَنّ يشحذ ولا يقطع، وكان والدي رحمه الله من المختلفين إليه والمغترفين مما لديه والمخترفين لثمار أغصان بنان يديه، ورأيته أنا وقد طوى العمر ومراحله، وبلغ من الكبر ساحله، ولم أتزود منه إلا الاكتحال بطلعته وكأن فضة ناظري بعد منقوشة بصورته، فمما أنشدني له الأديب يعقوب بن أحمد أيده الله وهو من أعيان تلامذته الرماة من جعبته، النحاة إلى كعبته، قوله:

لَمَّا رَأَيْتُ شَبَابِي ... يَهِيمُ فِي كُلِّ وَادِ

عَجبْتُ مِنْ شَيْبِ فَوْدِي ... وَمِنْ شَبَابِ فُؤَادِي (?)

قلت: وهذا الشعر رواه البيهقي عنه في الزهد الكبير. (ص 253)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015