أنواع العذاب إلا عُذب به لشدة غضب الله وسخطه عليه، وَمَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَتَوَاضَعَ فِي الْعِلْمِ وعلَّمه عِبَادَ اللَّهِ يُرِيدُ بِذَلِكَ مَا عِنْدَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ أَفْضَلُ ثَوَابًا وَلَا أَعْظَمُ مَنْزِلَةً مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ منزلة ولا درجة رفيعة نفيسة إِلَّا وَلَهُ فِيهَا أَوْفَرُ نَصِيبٍ وَأَوْفَرُ الْمَنَازِلِ.

أَلَا وَإِنَّ الْعِلْمَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ، وَمَلَاكُ الدِّينِ الْوَرَعُ، وَإِنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلَ الْعِلْمِ، فَلَا تُحَقِّرَنَّ مِنَ الْمَعَاصِي شَيْئًا وَإِنْ صَغُرَ فِي أَعْيُنِكُمْ، فَإِنَّهُ لَا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مَعَ اسْتِغْفَارِ.

أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ حَتَّى عَنْ مسِّ أَحَدِكُمْ ثَوْبَ أَخِيهِ، فاعلموا عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ الْعَبْدَ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا قَدْ مَاتَ عَلَيْهِ، وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَمَنِ اخْتَارَ النَّارَ عَلَى الْجَنَّةِ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ.

أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ- عَزَّ وَجَلَّ- أَمَرَنِي أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إلا الله فإذا قالوها عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ.

ألا وإن الله لم يدع شَيْئًا مِمَا نَهَى عَنْهُ إِلَّا وَقَدْ بيَّنه لَكُمْ، لَيَهْلَكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَيَحْيَا مَنْ حيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ.

أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ- جَلَّ ثَنَاؤُهُ- لَا يَظْلِمُ وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ ظُلْمٌ، وَهُوَ بِالْمِرْصَادِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، فَمَنْ أَحْسَنَ فَلِنَفْسِهِ، وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا، وَمَا ربك بظلام للعبيد.

يا أيها الناس إني قَدْ كَبُرَتْ سِنِّي وَدَقَّ عَظْمِي وَانْهَدَّ جِسْمِي ونُعيت إليَّ نَفْسِي وَاقْتَرَبَ أَجَلِي وَاشْتَقْتُ إِلَى رَبِّي، أَلَا وَإِنَّ هَذَا آخِرُ الْعَهْدِ مِنِّي وَمِنْكُمْ، فَمَا دُمْتُ حَيًّا فَقَدْ تَرَوْنِي فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. ثُمَّ نَزَلَ فَابْتَدَرَهُ رَهْطٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ من المنبر وقالوا: جُعِلَتْ أَنْفُسُنَا فِدَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ يَقُومُ بِهَذِهِ الشَّدَائِدِ؟ وَكَيْفَ الْعَيْشُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ؟ فقال لهم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015