وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ: "غَسَّل " مَعْنَاهُ: أَصَابَ أَهْلَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ، لِيَكُونَ أَمْلَكَ لِنَفْسِهِ وَأَحْفَظَ فِي طَرِيقِهِ لِبَصَرِهِ.
وَقَوْلُهُ: "بَكَّر وَابْتَكَرَ" زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ: "بَكَّر" أَدْرَكَ بَاكُورَةَ الْخُطْبَةِ وَهِيَ أَوَّلُهَا، وَمَعْنَى "وَابْتَكَرَ": قَدَمَ فِي الْوَقْتِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مَعْنَى "بَكَّر": تَصَدَّقَ قَبْلَ خُرُوجِهِ، وَتَأَوَّلَ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "بَاكِرُوا بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ الْبَلَاءَ لَا يَتَخَطَّاهَا".
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ: مَنْ قَالَ فِي الْخَبَرِ: "غَسَّل وَاغْتَسَلَ "- يَعْنِي بِالتَّشْدِيدِ- مَعْنَاهُ: جَامَعَ فَأَوْجَبَ الْغُسْلَ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ وَاغْتَسَلَ. وَمَنْ قَالَ: "غسَل وَاغْتَسَلَ "- يَعْنِي: بِالتَّخْفِيفِ- أَرَادَ غَسَلَ رَأْسَهُ، وَاغْتَسَلَ فَغَسَلَ سَائِرَ الْجَسَدِ لِخَبَرِ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ رُوِيَ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيحِ إِلَى طَاوُسٍ قَالَ: "قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: اغْتَسِلُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْسِلُوا رُءُوسَكُمْ وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا جُنُبًا، وَمُسُّوا مِنَ الطِّيبِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا الطِّيبُ فَلَا أَدْرِي، وأما الغسل فنعم ".
1476 - وعن هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ".
رَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ، وَالْحَارِثُ.
1477 / 1 - وعن عبد الله بن وديعة، عن أبي ذر ضي اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَحْسَنَ غُسْلَهُ، أَوْ تَطَهَّرَ فَأَحْسَنَ طُهُورَهُ- شَكَّ ابْنُ عجلان- ولبس من صالح ثيابه، ومسَّ ما كتب الله له من طيب أهله- أو من دهن أهله شَكَّ ابْنُ عَجْلَانَ- ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلَمْ يَلْغُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى".
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَمُسَدَّدٌ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ في صحيحه.