المنافقون جاءهم اللَّهُ- تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِيمَا شَاءَ (بِرَهْبَتِهِ) فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ذَهَبَ النَّاسُ فَالْحَقُوا بِآلِهَتِكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ مَا لَنَا إله إلا الله ما كنا نعبد غيره. فينصرف عنهم وهو الله- عز وجل- يأتيهم فَيَمْكُثُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ يَأْتِيَهُمْ فَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ذَهَبَ النَّاسُ فَالْحَقُوا بِآلِهَتِكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ. فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ مَا لَنَا إِلَهٌ إِلَّا اللَّهُ مَا كُنَّا نَعْبُدُ غَيْرَهُ. فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ وَيَتَجَلَّى لَهُمْ من عظمته ما يعرفون به أَنَّهُ رَبُّهُمْ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا عَلَى وُجُوهِهِمْ، وَيَخِرُّ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلَى قَفَاهُ وَيَجْعَلُ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- أَصْلَابَهُمْ كَصَيَاصِيِّ الْبَقَرِ، ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ-

عَزَّ وَجَلَّ- لَهُمْ فَيُرْفَعُونَ، وَيَضْرِبُ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ - الصِّرَاطَ بَيْنَ ظَهْرَانِي جَهَنَّمَ كَحَدِّ الشَّعْرِ- أَوْ كَعَقْدِ- أَوْ كَحَدِّ السَّيْفِ، عَلَيْهِ كَلَالِيبٌ وخطاطيف وحسك كحسك السعدان ودونه جسر دحض زلة فيمرون كطرف البصر أو كلمح البرق أو كمر الرِّيحِ أَوْ كَجِيَادِ الْخَيْلِ أَوْ كَجِيَادِ الرِّكَابِ أو كجياد الرحال، فَنَاجٍ سَالِمٌ وَنَاجٍ مَخْدُوشٍ وَمَكْدُوحٍ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَهَنَّمَ، فَإِذَا قَضَى اللَّهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، قَالُوا: مَنْ يَشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ؟ فَيَقُولُونَ: مَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَكَلَّمَهُ قَبْلًا، فيأتون آدم فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: ما أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِنُوحٍ فَإِنَّهُ أَوَّلُ رُسُلِ اللَّهِ. فَيُؤْتَى نُوحٌ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إليه، فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ويقول: عليكم بإبراهيم. فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبًا، فيقول: ما أنا بصاحبكم عليكم بموسى- عليه الصلاة والسلام- فإنه قربه نجيا وكلمه وأنزلت عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ. فَيُؤْتَى مُوسَى- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَذْكُرُ ذَنْبًا، فَيَقُولُ: لَسْتُ أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِرُوحِ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- وَكَلِمَتِهِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُؤْتَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فَيَأْتُونَنِي) وَلِي عِنْدَ رَبِي- عَزَّ وَجَلَّ- ثَلَاثُ شَفَاعَاتٍ وَعَدَنِيهِنَّ، فَأَنْطَلِقُ فَآتِيَ الْجَنَّةَ وَآخُذُ بِحَلَقَةِ الْبَابِ، ثُمَّ أَسْتَفْتِحُ، فَيُفْتَحُ لي فأحيا وَيُرَحَّبُ بِي فَإِذَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَنَظَرْتُ إِلَى ربي خررت ساجدًا، فيأذن الله لي مِنْ حَمْدِهِ وَتَمْجِيدِهِ بِشَيء مَا أَذِنَ بِهِ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- لِيَ: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، اشْفَعْ تُشَفَّعُ، وَسَلْ تُعْطَهْ. فَإِذَا رَفَعْتُ رَأْسِيَ، قَالَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ-:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015