قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الصُّورُ؟ قَالَ: قَرْنٌ. قَالَ: فَكَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: عَظِيمٌ. قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِنَّ أَعْظَمَ دَارَةٍ فيه كعرض السموات وَالْأَرْضِ، يُنْفَخُ فِيهِ ثَلَاثَ نَفْخَاتٍ: الْأُولَى نَفْخَةُ الْفَزَعِ، وَالثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْقِ، وَالثَّالِثَةُ نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى فَيَقُولُ: انْفُخْ نَفْخَةَ الْفَزَعِ. فَيَنْفُخُ نَفْخَةَ الْفَزَعِ، فيفزع أهل السموات وَالْأَرْضُ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، فَيَأْمُرُهُ فَيَمُدُّهَا ويطليها فلا يفتر، وهي التي يقول: {ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة مالها من فواق} فَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرَ السَّحَابِ فَتَكُونُ سَرَابًا، وَتَرْتَجُّ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا رَجًّا، فَتَكُونُ كَسَفِينَةٍ مُوبَقَةٍ فِي البحر تضربها الأمواج وتكفأ بِأَهْلِهَا، كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ بِالْعَرْشِ تُرَّجِحُهُ الْأَرْوَاحُ أَلَا وهو الذي يقول الله- عز وجل-: {يوم تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} فيميد الناس على ظهرها تذهل المراضع، وتضع الحوامل، وتشيب الْوِلْدَانُ، وَتَطِيرُ الشَّيَاطِينُ هَارِبَةً مِنَ الْفَزَعِ حَتَّى تَأْتِيَ الْأَقْطَارَ، فَتَلْقَاهَا الْمَلَائِكَةُ تَضْرِبُ وُجُوهَهَا فَتَرْجِعُ، ثم تولون مدبرين مالكم مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ، يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وهو الذي يقول الله- عز وجل-: {يوم التَّنَادِ} فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ تَصَدَّعَتِ الأرض بصدعين مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ، فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ، وَأَخَذَهُمْ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْكَرْبِ وَالْهَوْلِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، ثُمَّ تُطْوَى السَّمَاءُ فَإِذَا هِيَ كَالْمُهْلِ، ثُمَّ انْشَقَّتِ السماء فانتثرت نُجُومُهَا، وَخُسِفَ شَمْسُهَا وَقَمَرُهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْأَمْوَاتُ لَا يَعْلَمُونَ بِشَيء مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ حِينَ يَقُولُ: {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا من شاء الله} ؟ قَالَ: أُولَئِكَ الشُّهَدَاءُ، وَإِنَّمَا يَصِلُ الْفَزَعُ إِلَى الْأَحْيَاءِ،.......وَالْأَحْيَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ وَقَاهُمُ اللَّهُ فَزَعَ ذَلِكَ الْيَوْمُ، وَأَمَّنَهُمْ مِنْهُ، وَهُوَ عَذَابُ اللَّهِ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى شِرَارِ خَلْقِهِ، قَالَ: وهو الذي يقول الله: {يا أيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ الساعهَ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ الله شديد} فَيَمْكُثُونَ فِي ذَلِكَ الْبَلَاءِ مَا شَاءَ اللَّهُ إِلَّا أَنَّهُ يَطُولُ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ- تَعَالَى- إِسْرَافِيلَ بِنَفْخَةِ الصَّعْقِ. فَيَقُولُ: انْفُخْ نَفْخَةَ الصَّعْقِ، فيصعق أهل السموات والأرض