سبيلك، ولكتا نَخَافُ أَنْ يَفْتِنَكَ فَتَتْبَعَهُ. فَيَأْبَى إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُ، فَيَنْطَلِقُ حَتَّى إِذَا أَتَى أَدْنَى مِسْلَحَةٍ مِنْ مَسَالِحِهِ، أَخَذُوهُ فَسَأَلُوهُ: مَا شَأْنَهُ وَأَيْنَ يُرِيدُ؟ فَيَقُولُ: أُرِيدُ الدَّجَّالَ الْكَذَّابَ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ؟ فَيَكْتُبُونَ إِلَيْهِ أَنَّا أَخَذْنَا رَجُلًا يقوله كَذَا وَكَذَا. فَنَقْتُلُهُ أَمْ نَبْعَثُ بِهِ إِلَيْكَ؟ فيقولن: أَرْسِلُوا بِهِ إِلَيَّ. فَانْطَلَقُوا بِهِ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ عَرَفَهُ بِنَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الدَّجَّالُ الْكَذَّابُ الَّذِي أَنْذَرَنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ لَهُ الدَّجَّالُ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ ذَلِكَ؟ لَتُطِيعَنِي فِيمَا آمُرُكَ بِهِ أَوْ لَأَشُقَّنَّكَ شِقَّيْنِ. فَيُنَادِي الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فِي النَّاسِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ. فَأَمَرَ بِهِ فَمُدَّ بِرِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِحَدِيدَةٍ فَوُضِعَتْ عَلَى عجب ذنبه فشقه شقين، ثم قالت الدَّجَّالُ لِأَوْلِيَائِهِ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَحْيَيْتُ هَذَا أَلَسْتُمْ تعلمون أني ربكم؟ فيقولون: نعم. فيأخذ عَصًا فَيَضْرِبُ إِحْدَى شِقَّيْهِ أَوِ الصَّعِيدَ، فَاسْتَوَى قَائِمًا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَوْلِيَاؤُهُ صَدَّقُوهُ وَأَحَبُّوهُ وأيقنوا به أنه ربهم واتبعوه، فيقول الدَّجَّالُ لِلْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ: أَلَا تُؤْمِنَ بِي؟ فَقَالَ: أَنَا الْآنَ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً. ثُمَّ نَادَى فِي النَّاسِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ مَنَ أَطَاعَهُ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَمَنْ عَصَاهُ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَ الدَّجَّالُ: لَتُطِيعَنِّي أَوْ لَأَذْبَحَنَّكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَطِيعُكَ أَبَدًا، إِنَّكَ لَأَنْتَ الْكَذَّابُ. فَأَمَرَ بِهِ فَاضْطَجَعَ وَأَمَرَ بذبحه فلا يقدر عليه، لا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، فَأَخَذَ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَأُلْقِيَ فِي النَّارِ وَهِيَ غَبْرَاءُ ذَاتُ دُخَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ذَلِكَ الرَّجُلُ أَقْرَبُ أُمَّتِي مِنِّي، وَأَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: كَانَ يَحْسَبُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قُلْتُ: فَكَيْفَ يَهْلِكُ؟ قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْتُ: إِنَّ عيسى ابن مريم هُوَ يُهْلِكُهُ، قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ يُهْلِكُهُ وَمَنْ مَعَهُ. قُلْتُ: فماذا يكون بعده؟ قالت: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -إِنَّ النَّاسَ يَغْرِسُونَ مِنْ بَعْدِهِ الْغُرُوسَ، وَيَتَّخِذُونَ مِنْ بَعْدِهِ الْأَمْوَالَ. قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَبَعْدَ الدَّجَّالِ؟! قَالَ: نَعَمْ. فَيَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ أن يمكثوا ثم تفتح يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ فَيُهْلِكُونَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ تَعَلَّقَ بِحِصْنٍ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالُوا: إِنَّمَا بَقِيَ مَنْ فِي الْحُصُونِ وَمَنْ فِي السَّمَاءِ، فَيَرْمُونَ سِهَامَهُمْ فَخَرَّتْ عَلَيْهِمْ مُنْغَمِرَةً دَمًا، فَقَالُوا: قَدِ اسْتَرَحْتُمْ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَبَقِيَ مَنْ فِي الْحُصُونِ، فَحَاصَرُوهُمْ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحَصْرُ وَالْبَلَاءُ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَغَفًا فِي أَعْنَاقِهِمْ فَقَصَمَتْ أَعْنَاقَهُمْ، فَمَالَ بعضهم على بعض موتى، فقال رجل: قَتَلَهُمُ اللَّهُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالُوا: إِنَّمَا يَفْعَلُونَ هَذَا مُخَادَعَةً فَنَخْرُجُ إِلَيْهِمْ فَيُهْلِكُونَا كَمَا أَهْلَكُوا إِخْوَانَنَا. فَقَالَ: افْتَحُوا لِيَ الْبَابَ. فَقَالَ أَصْحَابُهُ: لا نفتح. فقالت: دَلُّونِي بِحَبْلٍ. فَلَمَّا نَزَلَ