وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ، فَأَقْبَلُوا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا: أَلَمْ تَرَ إِلَى عَدُوِّ اللَّهِ يَكْتُبُ فِينَا كَذَا وَكَذَا، وَإِنَّ اللَّهَ- تَعَالَى- قَدْ أَحَلَّ دَمَهُ، قُمْ مَعَنَا إِلَيْهِ. قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَقُومُ مَعَكُمْ إِلَيْهِ، قَالُوا: فَلِمَ كَتَبْتَ إِلَيْنَا؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا كَتَبْتُ إليكم كتابا قط. قال: فنظر بعضهم إلى بعض، فقالوا: لهذا تقاتلون لِهَذَا تَغْضَبُونَ؟ فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ يَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى قَرْيَةٍ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالُوا لَهُ: كَتَبْتَ فِينَا كَذَا وَكَذَا، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ دَمَكَ. فَقَالَ: إِنَّهُمَا اثْنَانِ: أَنْ تُقِيمُوا عليَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يَمِينٌ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا كَتَبْتُ وَلَا أَمْلَيْتُ وَلَا عَلِمْتُ، وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْكِتَابَ يُكْتَبُ عَلَى لِسَانِ الرَّجُلِ، وَقَدْ يُنْقَشَ الْخَاتَمُ عَلَى الْخَاتَمِ. قَالُوا: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ دَمَكَ بِنَقْضِ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ. قَالَ: فَحَاصَرُوهُ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ مَحْصُورٌ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ- قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَوَاللَّهِ مَا أَسْمَعُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ إِلَّا أَنَّ يَرُدَّ الرَّجُلُ فِي نفسه- فقال: أنشدكم بالله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ هَلْ عَلِمْتُمْ؟ قَالَ: فَذَكَرَ أَشْيَاءَ فِي شَأْنِهِ، وَذَكَرَ أَيْضًا أرى كتابته المفصل، ففشى النهي، فجعل يقول الناس: مَهْلًا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَفَشَى النَّهْيُ، فَقَامَ الأشتر- فلا أدري أيومئذ أم يوم آخَرَ- قَالَ: فَلَعَلَّهُ قَدْ مُكِرَ بِهِ وَبِكُمْ، قَالَ: فَوَطِئَهُ النَّاسُ حَتَّى لَقِيَ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ إِنَّهُ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى، فَوَعَظَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ، فَلَمْ تَأْخُذْ فِيهِمُ الْمَوْعِظَةُ، وَكَانَ النَّاسُ تَأْخُذُ فِيهِمُ الْمَوْعِظَةُ أَوَّلَ مَا يَسْمَعُونَهَا، فَإِذَا أُعِيدَتْ عَلَيهِمْ لَمْ تَأْخُذْ فِيهِمْ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ فُتْحَ الْبَابُ وَوُضِعَ الْمُصْحَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَذَاكَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فَقَالَ لَهُ: يَا عُثْمَانُ، أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ. قَالَ أبِي: فَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ: لَقَدْ أَخَذْتَ مِنِّي مَأْخَذًا- أَوْ قَعَدْتَ مِنِّيَ مَقْعَدًا- مَا كَانَ أَبُوكَ لِيَقْعُدَهُ- أَوْ قَالَ: لِيَأْخُذَهُ- فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْمَوتُ الْأَسْوَدُ. فَخَنَقَهُ، ثُمَّ خَنَقَهُ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ خَنَقْتُهُ فَمَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَطُّ أَلْيَنَ مِنْ حَلْقِهِ حَتَّى رَأَيْتُ نَفَسَهُ تَرَدَّدُ فِي جَسَدِهِ كَنَفَسِ الْجَانِّ. قال: فخرج وتركه. وقال فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ. فَخَرَجَ وتركه، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ آخَرُ، فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ- تَعَالَى- وَالْمُصْحَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَهْوَى بِالسَّيْفِ فاتقاْه عُثْمَانُ بِيَدِهِ فَقَطَعَهَا، فَمَا أَدْرِي أَبَانَهَا أَمْ قَطَعَهَا وَلَمْ يُبِنْهَا، قَالَ عُثْمَانُ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهَا أَوَّلُ كَفٍّ خَطَّتِ الْمُفَصَّلَ. قَالَ؟ وَقَالَ فِي غَيْرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ التُّجِيبِيُّ فَأَشْعَرَ مِشْقَصًا