رَأْسِهِ، وَهُمْ يُغَسِّلُونَهُ فَإِذَا فُرِغَ مِنْهُ دَخَلَ حتى صار في صدره وكفنه، فَإِذَا وُضِعَ فِي حُفْرَتِهِ، وَجَاءَهُ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ؟ خَرَجَ الْقُرْآنُ حَتَّى صَارَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا، فَيَقُولَانِ لَهُ: إِلَيْكَ عَنَّا فَإِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَسْأَلَهُ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بُمُفَارِقِهِ- قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَكَانَ فِي كِتَابِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَمَّادٍ: حَتَّى أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ. هَذَا الْحَرْفُ- فَإِنْ كُنْتُمَا أُمِرْتُمَا فِيهِ بِشَيْءٍ فَشَأْنُكُمَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: لَا. فَيَقُولُ القرآن: أنا الذي كنت أسهر ليلك، وأظمىء نَهَارَكَ، وَأَمْنَعُكَ شَهْوَتَكَ وَسَمْعَكَ وَبَصَرَكَ، فَتَجِدُنِي مِنَ الْأَخِلَّاءِ خَلِيلَ صِدْقٍ، وَمِنَ الْإِخْوَانِ أَخَا صِدْقٍ، فَأَبْشِرْ فَمَا عَلَيْكَ بَعْدَ مَسْأَلَةِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ مِنْ هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ. ثُمَّ يَخْرُجَانِ عَنْهُ فَيَصْعَدُ الْقُرْآنُ إِلَى رَبِّهِ فَيَسْأَلُ له فِرَاشًا وَدِثَارًا. قَالَ: فَيَقُومُ لَهُ بِفِرَاشٍ وَدِثَارٍ وَقِنْدِيلٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَيَاسَمِينَ مِنْ يَاسَمِينِ الْجَنَّةِ فَيَحْمِلُهُ أَلْفُ مَلَكٍ مِنْ مُقَرَّبِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ: فَيَسْبِقُهُمْ إِلَيْهِ الْقُرْآنُ فَيَقُولُ: هَلِ اسْتَوْحَشْتَ بَعْدِي؟ فَإِنِّي لَمْ أَزَلْ بِرَبِّي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ حَتَّى أَمَرَ لَكَ بِفِرَاشٍ وَدِثَارٍ وَنُورٍ مِنْ نور الجنة. فتدخل عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ فَيَحْمِلُونَهُ وَيَفْرِشُونَهُ ذَلِكَ الْفِرَاشَ وَيَضَعُونَ الدِّثَارَ تَحْتَ قَلْبِهِ وَالْيَاسَمِينَ عِنْدَ صَدْرِهِ، ثُمَّ يَحْمِلُونَهُ حَتَّى يَضَعُونَهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَصْعَدُونَ عَنْهُ فَيَسْتَلْقِي عَلَيْهِ فَلَا يَزَالُ يَنْظُرُ إلى الملائكة حتى يلجوا في السماء. ثم يرفع القرآن من نَاحِيَةِ الْقَبْرِ فَيُوَسَّعُ عَلَيْهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُوَسِّعَ مِنْ ذَلِكَ- قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَكَانَ فِي كِتَابِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَمَّادٍ إلى: فيوسع مسيرة أربعمائة عَامٍ- ثُمَّ يُحْمَلُ الْيَاسَمِينُ مِنْ عِنْدِ صَدْرِهِ فَيَجْعَلُهُ عِنْدَ أَنْفِهِ فَيَشُمُّهُ غَضًّا إِلَى يَوْمِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، ثُمَّ يَأْتِي أَهْلَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَيَأْتِيهِ بِخَبَرِهِمْ فيدعو لَهُمْ بِالْخَيْرِ وَالْإِقْبَالِ، فَإِنْ تَعَلَّمَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ الْقُرْآنَ بَشَّرَهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَقِبُهُ عَقِبَ سُوءٍ، أَتَى الدَّارَ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً فَبَكَى عَلَيْهِ إِلَى يَوْمِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ- أَوْ كَمَا قَالَ".
5957 - وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، ثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَزِيدَ بن أبان، عن الحسن، عَنْ أَنَسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "الْقُرْآنُ غِنًى لَا فَقْرَ بعده، ولا غنى دونه".