عبد العزيز بن الربيع، ثنا أبو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسِيرٍ فَأَتَى عَلَى قَبْرَيْنِ يُعذب صَاحِبَاهُمَا، فَقَالَ: مَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ. ثُمَّ قالت: بَلَى، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَغْتَابُ النَّاسَ، وَأَمَّا الاَخر فكان لا يتأدى مِنْ بَوْلِهِ، ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً أَوْ جَرِيدَتَيْنِ فَكَسَرَهُمَا، ثُمَّ غَرَسَ كُلَّ كِسْرَةٍ عَلَى قَبْرٍ فَقَالَ: إِنَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا دَامَتَا رطبتين- أو قال: ما لما يَيْبَسَا".

قُلْتُ: أَبُو الْعَوَّامِ وثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، فَالْحَدِيثُ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَبَوَّبَ الْبُخَارِيُّ عَلَى هَذَا الحديث: باب من الكبائر ألا يَسْتَتِرَ مِنْ بَوْلِهِ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: "وَمَا يُعَذَّبَانِ في كبير" معناه: أنهما ليعذبان فِي أَمْرٍ كَانَ يَكْبُرُ عَلَيْهِمَا، أَوْ يَشُقُّ فعله لو أرادا أن يَفْعَلَاهُ، وَهُوَ التَّنَزُّهُ مِنَ الْبَوْلِ أَوْ تَرْكُ النَّمِيمَةِ. وَلَمْ يَرِدْ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ فِي هَاتَيْنِ الْخِصْلَتَيْنِ لَيْسَتْ بِكَبِيرَةٍ فِي حَقِّ الدِّينِ، وَأَنَّ الذَّنْبَ فِيهِمَا هَيْنٌ سَهْلٌ.

قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: ولخوف توهم مثل هذا استدرك، فقال: "بَلَى إِنَّهُ كَبِيرٌ" وَاللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى.

وَلِهَذَا الْحَدِيثِ شَوَاهِدٌ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.

451 - وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي جُبَيْرَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ سِيَابَةَ "أَنّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرَّ بِقَبْرٍ يُعَذَّبُ صَاحِبُهُ، فَقَالَ: إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ يُعَذَّبُ فِي غَيْرِ كَبِيرَةٍ، ثُمَّ دَعَا بَجَرِيدَةٍ فَوَضَعَهَا عَلَى قَبْرِهِ، وَقَالَ: لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُ مَا كَانَتْ رطبة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015