الْجُوعُ، أَغَثَّنَا بِشَيْءٍ. فَانْطَلَقَ الْأَنْصَارِيُّ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَيْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِ بَيْتٍ مَا أَرَانِي أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ حَتَّى يَهْلِكُوا أَوْ يَهْلِكَ بَعْضُهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما يهلكهم؟ فقال: الْجُوعُ. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمَا عِنْدَكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: مَا عِنْدِي. قال: فاذهب فائت بِمَا عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ. فَرَجَعَ الْأَنْصَارِيُّ فَلَمْ يجد إلا حلسًا وقدحًا، فَأُتِيَ بِهِمَا، النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هَذَا الْحِلْسُ وَالْقَدَحُ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ عِنْدَنَا- أَمَّا الْحِلْسُ فَكَانُوا يَفْتَرِشُونَ طَائِفَةً مِنْهَا وَيَلْبَسُونَ طَائِفَةً، وَأَمَّا الْقَدَحُ فَيَشْرَبُونَ فِيهِ- فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي هَذَا الْحِلْسَ وَالْقَدَحَ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِاثْنَيْنِ. قَالَ: هُمَا لَكَ. فَأَعْطَاهُمَا، فَقَالَ: اذْهَبْ فَاشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَيْهِمْ، وَاشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا فَأْسًا ثُمَّ ائْتِنِي بِهِ. فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَأَخَذَهَا نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكَ نِصَابٌ أُثَبِّتُهَا؟ قَالَ: لَا، وَاللَّهِ مَا هُوَ عِنْدِي. فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: بِأَبِي وَأُمِّي، عِنْدِي نِصَابٌ عَسَى أَنْ يُوَافِقَهُ. فَقَالَ: ائْتِ بِهَا إِنْ شَئْتَ. فَأَتَى بِهَا فَأَخَذَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفَأْسَ فَأَثْبَتَهَا فِي النِّصَابِ، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى الْأَنْصَارِيِّ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اذْهَبْ بِهَذَا الْفَأْسِ فَحَطِّبْ مَا وَجَدْتَ مِنْ شَوْكٍ أَوْ حَطَبٍ، ثُمَّ احْتَزِمْ حِزْمَتَكَ فائت بِهَا السُّوقَ فَبِعْهَا بِمَا قَضَى اللَّهُ لَكَ، ثُمَّ لَا تَأْتِنِي وَلَا أَرَاكَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. فَجَعَلَ الرَّجُلُ كُلَّ يَوْمٍ يَغْدُو فَيَحْطِبُ، ثُمَّ يَجِيءُ بِحَطَبِهِ إِلَى السُّوقِ، فَيَبِيعَهُ بِثُلُثَيْ درهم حتى أتت عليه خمسة عشرة لَيْلَةٍ، فَأَصَابَ فِيهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ أَتَى نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ فِي الَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ بَرَكَةً، قَدْ أَصَبْتُ فِي خمس عَشْرَةَ، لَيْلَةً عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَابْتَعْتُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ لِلْعِيَالِ طَعَامًا، وَابْتَعْتُ لَهُمْ كُسْوَةً بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي وَجْهِكَ نُكَتُ الْمَسْأَلَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لا تصلح إلا لثلاثة: لذي دم، موجع، أَوْ غُرْمٍ مفظِع، أَوْ فَقْرٍ مدقِع ".
2144 / 5 - وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظٍ: "إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مفظِع، أَوْ دَمٍ موجِع ".