غير مستوثقين منها، ومثال ذلك: احتجاجهم بما زعم أنّه حديث، من قولهم: "نِعْمَ الْعَبْدُ صُهَيْبٌ؛ لَوْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ":

قال السخاوي في "الفتاوي الحديثية" (2/ 12): "قد اشتهر في كلام الأولين وأصحاب المعاني والعربيّة من حديث عمر بن الخطّاب. وذكر الشّيخ بهاء الدين السبكي أنّه لم يظفر به في شيء من الكتب. وكذا قال جمع من أهل اللُّغة، ثمّ رأيت بخط شيخنا - رحمه اللَّه - أنّه ظفر به في "مشكل الحديث" لأبي محمّد ابن قتيبة، لكن لم يذكر له ابن قتيبة إسنادًا، وقال: أراد أن صهيبًا إنّما لم يعص اللَّه حياء لا لمخافة عذابه" (?) اهـ.

وأمّا ما قاله الفاضل أبو الحسنات اللَّكْنَوِىُّ ت (1304 هـ) - رحمه اللَّه - في كتابه "الأجوبة الفاضلة" (ص 35)؛ حيث قال:

"فإن قلت: فما بالهم أوردوا في تصانيفهم الأحاديث الموضوعة - مع جلالتهم ونباهتهم - ولم لم ينقدوا الأسانيد مع سَعَةِ علمهم؟ !

قلت: لم يوردوا ما أوردوا مع العلم بكونه موضوعًا، بل ظنوه مرويًّا، وأحالوا نقد الأسانيد على نقاد الحديث؛ لكونهم أغنوهم عن الكشف الحثيث؛ إذ ليس من وظيفتهم البحث عن كيفية رواية الأخبار، إنّما هو من وظيفة حملة الآثار؛ فلكل مقام مقال، ولكل فن رجال".

أقول: فهذا الّذي ذكره ليس بعذر لهم؛ لأنّ القوم قبل ذلك مسلمون، والمسلم منهي عن رواية حديث لا يدري صحته؛ ألم يقل النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَدَّثَ عَنَّي بِحَدِيثِ يُرَى أَنهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أحَدُ الكَاذَبِيْنِ" (?)؟ !

طور بواسطة نورين ميديا © 2015