فكانت الكلمة بعد الكلمة، وإلا فلماذا وُجِدَ أمثال العكبري والسيوطي؟
إن ضبط الحديث وإعرابه - وخاصة مُشْكِلَهُ - لم يجدا - فيما أعلم - حَظَّهُمَا من تراث هذه الأمة على ضخامته، فلم يصل إلى أيدينا إِلَّا عملان يتيمان مختصَّانِ، كان أحدهما صنعة أبي البقاء العكبري، على ما سيأتي توضيحه بعد، والآخر كان للحافظ السيوطيّ - رحمه اللَّه! - بالإضافة إلى تلك اللمحات المنتقاة الّتي تعرض لها جمال الدين بن مالك صاحب الألفية المشهورة في النحو، وذلك في كتابه العظيم: "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصّحيح" (?).
وأمّا مُصَنَّفُ السيوطيّ، فيعرف بـ "عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد"، ويصرح الإمام السيوطيّ في مقدمته أن العلماء: "لم يتعرضوا في إعراب الحديث النبوي سوى إمامين: أحدهما: أبو البقاء العكبري؛ فإنّه لما ألف إعراب القرآن المشهور أردفه بتأليف لطيف في إعراب الحديث الشريف، ، والثّاني: جمال الدين ابن مالك؛ فإنّه ألف في ذلك تأليفًا خاصًّا بصحيح البخاريّ يسمى "التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصّحيح .. ".
"ولما رأى السيوطيّ أن كتاب العكبري لا يروي الغليل ولا يشفي العلّيل، نهض لتأليف كتاب في إعراب الحديث الشريف على مسند أحمد؛ قال في مقدمته: " ... ، وقد استخرتُ اللَّهَ - تعالى - في تأليف كتاب في إعراب الحديث، مستوعب جامع، وغيث على رياض المسانيد والجوامع، جامع شامل للفوائد البدائع، شاف كافل بالنقول والنصوص كاف، أنْظِمُ فيه كلّ فريدة، وأسْفِرُ فيه النقاب عن وجه كلّ خريدة، وأجعله على مسند أحمد، مع ما أضمه إليه من الأحاديث المزيدة، وأرتبه على حروف المعجم في مسانيد الصّحابة، وأنشئ له من بحار كتب العربيّة كلّ سحابة" (?).