وظهور المعجزات بعد زمان النبوة - ولا سيما في هذه الأزمان البعيدة من زمنه صلى الله عليه وسلم - مما يزيد المؤمنين إيمانا به، وتصديقا بما أخبر به من الغيوب الماضية والغيوب الآتية مما لم يقع بعد.
فصل
وليس التواتر في الإخبار عن المغيبات شرطا لوجوب الإيمان بها؛ كما قد زعم ذلك بعض أهل البدع ومن تبعهم من المتفقهة المقلدين وغيرهم من جهلة العصريين وزنادقهم، بل كل ما صح سنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالإيمان به واجب، سواء كان متواترا أو آحادا، وهذا قول أهل السنة والجماعة.
وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} .
فأمر تبارك وتعالى بالتثبت في خبر الفاسق؛ لأنه محتمل للصدق والكذب؛ فلا يسارع إلى تصديقه؛ خشية أن يكون كاذبا، ولا يسارع إلى تكذيبه؛ خشية أن يكون صادقا، وبالتثبت تنجلي حقيقة خبره.
ومفهوم الآية الكريمة دال على قبول خبر الواحد العدل من عير توقف فيه.
وقال الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} .
وهذه الآية الكريمة دالة على قبول خبر الواحد العدل؛ لأن الطائفة تقع على الواحد فصاعدا.
قال ابن الأثير في "النهاية": الطائفة: الجماعة من الناس، وتقع على