رواه: أبو داود، والحاكم في "مستدركه".
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في كتاب "النهاية": "وقد ادعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث، والظاهر - والله أعلم - أنه يعم حملة العلم من كل طائفة وكل صنف من أصناف العلماء؛ من مفسرين، ومحدثين، وفقهاء، ونحاة، ولغويين ... إلى غير ذلك من الأصناف، والله أعلم ". انتهى كلامه رحمه الله تعالى، وما قاله حسن جدا.
وأما قصر الحديث على أشخاص معدودين، في كل مائة سنة واحد منهم؛ فهو بعيد جدا، والحديث لا يدل على ذلك؛ لأن لفظة (من) يراد بها الواحد ويراد بها الجماعة، وعلى هذا فحمل الحديث على الجماعة القائمين بنشر العلم وتجديد الدين أولى من حمله على واحد بعد واحد منهم.
ويؤيد هذا ما رواه الترمذي وحسنه عن عمرو بن عوف رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدين بدأ غريبًا ويرجع غريبًا؛ فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي» .
ورواه إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، ولفظه: قال: «إن هذا الدين بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ؛ فطوبى للغرباء. قيل: يا رسول الله! ومن الغرباء؟ قال: الذين يحيون سنتي من بعدي، ويعلمونها عباد الله» .
ويؤيده أيضا ما رواه ابن وضاح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه قال: "الحمد لله الذي امتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم؛ يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله أهل العمى...." إلى آخر خطبته رضي الله عنه.
فهذا يدل على أن التجديد يكون في جماعة من أهل العلم، ولا ينحصر في واحد بعد واحد منهم. والله أعلم.