واحتج به الإمام أحمد رحمه الله تعالى على أن الاجتهاد لا ينقطع ما دامت هذه الطائفة موجودة.
وقد اختلف في محل هذه الطائفة:
فقال ابن بطال: إنها تكون في بيت المقدس كما رواه الطبراني من حديث أبي أمامة رضي الله عنه: «قيل: يا رسول الله! أين هم؟ قال: ببيت المقدس. وقال معاذ رضي الله عنه: "هم بالشام» .
وفي كلام الطبري ما يدل على أنه لا يجب أن تكون في الشام أو في بيت المقدس دائما، بل قد تكون في موضع آخر في بعض الأزمنة.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى: "ويشهد له الواقع، وحال أهل الشام وأهل بيت المقدس من أزمنة طويلة، لا يعرف فيهم من قام بهذا الأمر بعد شيخ الإسلام ابن تيمية وأصحابه في القرن السابع وأول الثامن؛ فإنهم في زمانهم على الحق؛ يدعون إليه، ويناظرون عليه، ويجاهدون فيه، وقد يجيء من أمثالهم بعد بالشام من يقوم مقامهم بالدعوة إلى الحق، والتمسك بالسنة، والله على كل شيء قدير.
ومما يؤيد هذا: أن أهل الحق والسنة في زمن الأئمة الأربعة وتوافر العلماء في ذلك الزمان وقبله وبعده لم يكونوا في محل واحد، بل هم في غالب الأمصار؛ في الشام منهم أئمة، وفي الحجاز، وفي مصر، وفي العراق، واليمن، وكلهم على الحق؛ يناضلون ويجاهدون أهل البدع، ولهم المصنفات التي صارت أعلاما لأهل السنة وحجة على كل مبتدع.
فعلى هذا؛ فهذه الطائفة قد تجتمع وقد تفترق، وقد تكون في الشام وقد تكون في غيره؛ فإن حديث أبي أمامة وقول معاذ لا يفيد حصرها بالشام، وإنما يفيد أنها تكون في الشام في بعض الأزمان لا في كلها".