خَاص بأمهات الْمُؤمنِينَ وَقد رد عَلَيْهِ الْحَافِظ فِي الْفَتْح إِذْ قَالَ: قَالَ القَاضِي عِيَاض: فرض الْحجاب مِمَّا اختصصن بِهِ أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ فرض عَلَيْهِنَّ بِلَا خلاف فِي الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ فَلَا يجوز لَهُنَّ كشف ذَلِك فِي شَهَادَة وَلَا غَيرهَا، وَلَا إِظْهَار شخوصهن وَإِن كن مستترات إِلَّا مَا دعت إِلَيْهِ ضَرُورَة من برَاز الخ… فَرد عَلَيْهِ الْحَافِظ إِذْ قَالَ: وَلَيْسَ فِيمَا ذكره دَلِيل على مَا ادَّعَاهُ، ثمَّ أَطَالَ الْحَافِظ الْكَلَام على القَاضِي عِيَاض1.

قلت: دَعْوَى الِاخْتِصَاص لم تدعم بِدَلِيل من الْكتاب وَالسّنة، بل ظَاهر الْكتاب وَالسّنة يخالفانها كَمَا سبق.

قَالَ الْعَلامَة ابْن كثير مُفَسرًا قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ…} الْآيَة قَالَ: الجلباب هُوَ الرِّدَاء فَوق الْخمار، قَالَه ابْن مَسْعُود، وَعبيدَة السَّلمَانِي، وَقَتَادَة، وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَسَعِيد بن جُبَير، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي، وَغير وَاحِد وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْإِزَار الْيَوْم اهـ، قلت: تلبسه الْيَوْم النِّسَاء المورتانيات وَبَعض السودانيات، ثمَّ قَالَ: قَالَ عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس: أَمر الله نسَاء الْمُؤمنِينَ إِذا خرجن من بُيُوتهنَّ فِي حَاجَة أَن يغطين وجوههن من فَوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا وَاحِدَة، وَقَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين سَأَلت عُبَيْدَة السَّلمَانِي عَن قَول الله تَعَالَى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنّ} فَغطّى وَجهه، وَرَأسه، وأبرز عينه الْيُسْرَى أهـ.

أورد هَذَا الْأَثر السُّيُوطِيّ فِي المنثور 221-5 وَقَالَ: أخرجه الْفرْيَابِيّ، وَعبد ابْن حميد، وَابْن جرير الطَّبَرِيّ، وَابْن الْمُنْذر، وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين.

قلت: أخرجه ابْن جرير فِي التَّفْسِير إِذْ قَالَ: حَدثنِي يَعْقُوب، قَالَ: ثَنَا ابْن علية، عَن ابْن عَوْف، عَن مُحَمَّد، عَن عُبَيْدَة، ثمَّ ذكر الْأَثر بِطُولِهِ2. قلت: رجال إِسْنَاده كلهم ثِقَات: يَعْقُوب هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي ثِقَة، ابْن علية هُوَ إِسْمَاعِيل بن علية إِمَام كَبِير ثِقَة، وَابْن عَوْف هُوَ عبد الله بن عَوْف الْمُزنِيّ أحد الْأَعْلَام ثِقَة ثَبت، وَمُحَمّد هُوَ مُحَمَّد بن سِيرِين أحد الْأَعْلَام التَّابِعين، وَعبيدَة هُوَ السَّلمَانِي إِمَام ثِقَة زاهد، فَكَانَ هَذَا الْإِسْنَاد صَحِيحا وَلَيْسَ بَينهم انْقِطَاع كَمَا لَا يخفي على من لَهُ علم بأسماء الرِّجَال، وَلَا يخفى على أحد أَيْضا منزلَة عُبَيْدَة السَّلمَانِي العلمية إِذْ هُوَ علم من الْأَعْلَام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015