وقال ابن خلدون في مقدمته: هذا العلم يعنى الأدب لا موضوع له ينظر في إثبات عوارضه أو نفيها، وإنما المقصود منه عند أهل اللسان ثمرته وهى الإجادة في فنى المنظوم والمنثور على أساليب العرب ومناحيهم، فيجمعون لذلك من كلام العربَ مما عساه تحصل به الملكة: من شعر عالى الطبقة، وسجع مَبْثُوثة (?) أثناء ذلك متفرقة يستقرى منها الناظر في الغالب معظم قوانين العربية، مع ذكر بعض من أيام العرب يفهم به ما يقع في أشعارهم منها، وكذلك ذكر المهم من الأنساب الشهيرة والأخبار العامة، والمقصود بذلك كله أن لا يخفى على الناظر فيه شئ من كلام العرب وأساليبهم ومناحى بلاغتهم إذا تصفحه، لأنه لا تحصل الملكة من حفظه إلا بعد فهمه، فيحتاج إلى تقديم جميع ما يتوقف عليه فهمه (?).

ثم إنهم إذا أرادوا حد هذا الفن قالوا: الأدب هو حفظ أشعار العرب وأخبارها والأخذ من كل علم بطرف، يريدون من علوم اللسان أو العلوم الشرعية من حيث متونها فقط وهى القرآن والحديث إذ لا مدخل لغير ذلك من العلوم في كلام العرب إلا ما ذهب إليه المتأخرون عند كلفهم بصناعة البديع من التورية في أشعارهم وترسلهم بالاصطلاحات العلمية، فاحتاج صاحب هذا الفن حينئذ إلى معرفة اصطلاحات العلوم هـ (?).

ونقل أبو على اليوسى في محاضراته عن الحسن بن سهل قال: الأدب عشرة أصناف: ثلاثة شهرجانية وهى ضرب العود ولعب الشطرنج واللعب بالصوالجة، وثلاثة أنوشروانية وهى الطب والهندسة والفروسية، وثلاثة عربية وهى الشعر والنسب وأيام الناس، والعاشر مقطعات الحديث والسمر وما يتعاطاه الناس بينهم في المجالس وهذا عام هـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015