ولأجل هذا العلو وارتفاع بقعة الموقع تتراءى تلك القبة المتبرجة بحلتها الزبرجدية وتاجها المغشى بالذهب من مسافة ليست بالقريبة من سائر نواحى جهات البلد، لا يرى الرائى أعلى منها ولا أروق في النظر، يغشاها نور نبوى تقر به أعين المحبين، ويكون قذى في جفون المارقين والملحدين.
ومن تأسيسات السلطان مولانا عبد الله بن مولانا إسماعيل بهذه العاصمة الفاخرة تنميق باب جامع الأنوار الشهير الواسع الأكناف الواقع بين باب زين العابدين أحد أبواب المدينة الآن، وباب منصور العلج، وكان تأسيسه لذلك عام ستة وأربعين ومائة وألف، ويدل لذلك ما هو منقوش في زليج بخط بارع على الباب المذكور ولفظه:
ما للخورنق والبديع كمال ... شرفي بمنشئ حلتي وكمالي
مولاي عبد الله من دانت له ... شم الأنوف أجلة الأقيال
حسبي من الفخر المخلد أنني ... أثر له والسعد في الإقبال
وقتي (مشوق 1146) كل نفس ودها ... تحظي به موصوله الآمال
وقد قدمنا أن أصل الجامع المذكور بكماله من أعظم منشآت والده المولى إسماعيل وشرحنا القول في ذلك بما له وما عليه فارجع إليه.
ومن تأسيساته أيضا تجديد باب القصبة الإسماعيلية المعروف باسم. باب منصور العلج على الطرز الذي هو عليه الآن على إصلاح للدولة الحامية فيما كان تصدع منه إصلاحا لم يغير ما كانت عليه، وهذا الباب أبت الأقطار المغربية أن تعزره بثان فهو وحيد الحسن بين أترابه، أنشأ تجديده عام أربعة وأربعين ومائة وألف وشاهد ذلك ما هو منقوش في زليج أسود بخط مشرقي بارع في أعلى ذلك الباب ولفظه: الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد الذي لا نبي بعده: