حاله: فقيه علامة أديب أريب نبيه، حسن البديهة، قوى العارضة، شاعر مفلق، نقاد كاتب بليغ، يطرز كتابته بفنون البلاغة والإنشاء، وفق ما يشاء، اصطفاه أمير المؤمنين سيدي محمد بن عبد الله لسرد الكتب وهو إذ ذاك في عنفوان شبابه، وقد كان مورقا وواعظا بمحل أبيه، ثم اتخذه كاتبا في بساطه الملوكى، ثم قلده الولاية بتطوان مدة أعوام كما للزيانى في الفهرسة، ثم استوزره.
وكان من أهل الفضل والدين قائما بمأموريته أحسن قيام، وكان منقطعا ليتيمة الأشراف مولاى على بن أمير المؤمنين سيدي محمد بن عبد الله، وله فيه أشعار رقيقة وأمداح رائقة فغمره إحسانا وإنعاما وامتنانا.
ثم استعمله السلطان المذكور في السفارة بينه وبين الدول، فجال بسبب ذلك في أوروبا وإفريقية وآسيا وما بينها، أرسله أولا سفيرا عنه لدولة إصبانيا وملكها كارلوس الثالث للنظر في أمر الأسارى المسلمين الذين عندها وكان ذلك سنة 1193، فعقد معها معاهدة، وألَّف في ذلك رحلة.
قال "شيني" قنصل فرنسا لذلك العهد بسَلا في صحيفة 519 من الجزء الثالث من كتابه عن المغرب المطبوع بباريس سنة 1787: إن الخلاف الذي وقع بين فرنسا وإنكلترا غير الحالة الساسية بأوربا، فرأت إصبانيا أن ذلك يساعدها على تجديد العلائق مع المغرب، فجدد السلطان معها الصلح والعلائق إجابة لسعيها وذلك سنة 1780 بواسطة ابن عثمان وقبل بكل ارتياح جميع المطالب الإصبانية.
ثم ووجهه ثانيا سفيراً لحكومة مالطة ونابولى فباحث الأولى سنة 1195 في شأن الأسرى، وعقد مع ملك نابولى اتفاقا، وألَّف في هذه السفارة رحلة أخرى.