دروسها فانتفع به كل طالب للعلم وقتئذ بها، ثم انتخبه السيد عبد الله بن أحمد لإقراء ولده السيد عبد السلام العلم بفاس مدة مديدة، وبعد موت المذكور رجع للزاوية وانكب على تدريس العلم وإفادته، ثم انتقل لمكناس وأقبل على نشر العلم وبثه في صدور الرجال راض بالقليل من الطعام والدون من الثياب، مقبل على الله في سره ونجواه، ولوع بمحبة الصالحين ومجالسة أهل الخير، والأنس بحديثهم.
ولم يزل هذا شأنه وديدنه إلى أن ألبسه المولى سبحانه حلة مرض مزمن أقعده بل أضجعه، فتلقى ذلك بكمال الرضا، بحيث صار لا يتمنى زواله، ولا يبحث عن طريق التخلص منه.
ولم تزل أسراره القلبية تنمو، ومرضه يتزايد حتَّى صار نصفه الأسفل لا يتحرك إلا بمشقة، وقلبه مع ذلك ممتلئ بالأسرار طافح بالأنوار، فكان وهو بهذه الحالة يفيض على زائريه مما هو فيه فيجدون في ذلك من الرقة والإنابة والخشية ما كانوا قبله بُعَدَاء عنه، وقد لازمه المرض الموصوف وهو معه على هذا الحال المعروف مدة سنين إلى أن لبى داعى مولاه وانتقل لما اختير له رحمه الله.
مشيخته: أخذ عن مختصر الرهونى الشيخ سيدى محمد بن المدني جنون وهو عمدته ومن في طبقته من أعلام ذلك الزمان.
الآخذون عنه: منهم إمام وخطيب مسجد الضريح الأنور الإدريسى العلامة سيدى الفاطمى بن الفضيل ومنهم سيدى محمد بن الفاطمى الإدريسى ومنهم ابن عمنا العلامة الأقعد ابن أخي المترجم سيدى محمد بن أحمد وخلق وستأتى تراجم هؤلاء فيما بعد بحول الله.