وحين استحال رنين الضحكات إلى صدى باهت، بدأ صوت النقد محتجا، مجلجلا، فتسمع واحدا يقول: مشكلتي في هذه الأبيات أنني لا أستطيع أن استكشف العلاقة بين واحدها والآخر، وثانيا يقول، ما العلاقة بين نصاعة الجبين والزيارة التي تنفض، (وكيف تفعل الزيارة ذلك، أتراها تيارا كهربائيا؟!) وثالثا يقول: كيف يكون الظل على الوهج، وكيف يتساقط الخط، ورابعا يقول: ربما كان في هذه الأبيات إشارات غريبة إلى البكارة المطلقة في الكون والأشياء، ومن ثم يكون وجد المحصنين، ويكون الدر المغلق في بحار لا نهائية، وتكون الطهارة هي الهدية الكبرى من هذه البكارة الكلية، ولكن؟ لا أدري، ثمة علاقات بين الألفاظ والجمل والصور لا أستطيع أقامتها على نحو مقنع.
وخاب فألنا، لا لأن أحدا منا لم يستطع أن يحظى بالجائزة المرصودة، بل لأن ذلك التحدي لم يجر إلى معركة، تتناثر فيها الأشلاء يمينا وشمالا، إلا أن ذلك التحدي، فتح الباب واسعا، للتذمر مما كان يحاول الشعر أن يروده وأن يحققه، ذلك أن مجلة الرسالة نفسها نشرت؟ بعد عددين - تحديا آخر ممهورا بإمضاء (أ. ع) حول قصيدة بعنوان " من خريف الربيع " لمحمود حسن إسماعيل، يقول كاتبه: " فليتفضل منهم متفضل فيشرح لي هذه القصيدة شرحا تلتئم به أجزاؤها وتجتمع أوصالها، وتتكشف به غرائب مجازاتها وعجائب استعاراتها وبدائع أسرارها "، وكانت مجلة الرسالة قد نشرت هذه القصيدة نفسها في عدد سابق، وفي ما يلي مقطعان منها: