الجنوب، حيث حدثنا أن حياته هنالك مرت في صورة حلم طويل لم يتحقق منه شيء، ولم تظهر فيه أية امرأة.

قصيدة السياب قسمان يكادان يكونان متمايزين: تصورات بين الماضي والمستقبل أو سلسلة من الهواجس الحلمية ثم صراع؟ في الحلم - بين الواقع والمستحيل، والقسم الأول هو الأطول، إذ طال به التلدد في جنبات السوق حتى وقع بصره على الشموع وكانت وقفته عند الكوب والمنديل (رغم صلتها بحفلة الزواج) غير متسقة مع الوقفة الطويلة التي وقفها عند الشموع بل ربما لم يكن ربط الجزءين معا في هذا المبنى إلا بشيء من التجاوز والتقدير.

ومع ما في قصيدته من تشابه بقصيدة نازك إلا أن الفروق بينهما واسعة، لا في أن السياب هنا استسلم لروابط واهية في إطالة القصيدة وحسب، بل لأنه ما يزال يعني بالتصوير الخارجي، لا بالتحليل الداخلي، ويذهب مع الاستطراد حيثما أتجه به، وإذا كان للشكل الجديد لديه من أهمية، فإن أهميته تكمن في القسم الثاني حيث استقوت الناحية الحوارية، على حساب التصوير الذي شغل أكثر القسم الأول. أن السياب؟ سيظل مثل نازك - شغوفا بالمشرع التمهيدي الذي يحدد الجو المكاني والزماني، بل سيزيد على نازك في هذا المنحى لأنه سيختلف اختلافاً كبيرا عن نازك في اتجاهه الشعري عامة وهذه القصيدة على دلالتها لا تصلح أن تكون مؤشرا على جميع انعطافات السياب في المستقبل، لأنها تجربة يحسن أن ينتقل عنها إلى غيرها، ولأنه تعرض لمؤثرات كثيرة عنيفة ظلت نازك بمعزل عنها. ولكن مهما يكن من شيء، فإن القصيدة تنبئ أيضا أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015