خلال هذا التلخيص تبدو عادية في رومنطقيتها. ولكنها ليست كذلك لاحتوائها على عناصر شعرية رفعتها فوق ذلك المستوى.

وقبل الحديث عن تلك العناصر لا بد من الإشارة إلى أن الشاعرة اهتمت في فاتحتها بإبراز الجو المكاني والزماني " الشارع المظلم؟ الليل - أشجار الدفلى " وهو جو ذو صلة بالذكريات، غير أن رسم مثل هذا الجو وتحديد معالمه يعد متكأ أثيرا لدى الشاعرة في كثير من قصائدها السابقة واللاحقة، كأن تقول: " في سكون المساء/في ظلام الوجود " أو " كان المغرب لون ذبيح/ والأفق كآبة مجروح " أو " في الكرادة في ليلة أمطار ورياح "؟ الخ، وغالبا ما تكون هذه التوطئة إيذانا بقص حكاية، وقد عمدت في هذه القصيدة إلى هذا الشكل القصصي نفسه، لأنه شكل قابل للنمو الطبيعي بين طرفي " العقد والحل "، ولأنه يتلائم بقوة وتلك الحرية التي اختارتها في سياق التفعيلات المتفاوتة، وقد مكنها الشكل المتحرر والقالب القصصي من إبراز أمر ثالث وهو: التعمق في تحليل نفسية المحب وربط تلك النفسية بمظاهر الطبيعة، وإخراج بعض كوامن تلك النفس على شكل حديث ذاتي أو مونولوج داخلي، يعكس الاستشراف والقلق والتذكر والتردد والحيرة والابلاس والتعب الذي يشرف بصاحبه على الانهيار.

ويمثل " البيت " عنصرا هاما في قصيدة نازك، بل في كثير من قصائدها:

وترى البيت أخيرا

بيتنا، حيث التقينا

عندما كان هوانا ذلك الطفل الغريرا

وترى البيت فتبقى لحظة دون حراك

ها هو البيت كما كان هناك؟.. "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015