هذه المرأة؟ الأم - ينبوع جمال وحب، ولكنها هي التي وضعت الشاعر في وضع التمزق النفسي، (وهو تمزق لا يظهر كثيرا على السطح لأن الغرق في اللحظات الجمالية الكثيرة يحجبه) فهو في مشاعره ينتمي إلى القديم، كل النساء لديه " سبايا "، وليس هو سوى شيخ بدوي يفصل لنفسه " عباءة " من جلودهن، وهو في ثقافته وفكرة يريد للمرأة أن تتحرر، رغم أنه يراها بسبب وضعه الأول مقيدة بأغلال الحب والجنس، وقد رآها متحررة، وأعجب بتحررها، رأي " جانين " الفرنسية الوجودية:
تريد أن تختار ما تراه
تريد أن تمزق الحياه
ربما لم تكن جانين جميلة، ولكنها كانت تعرف ما تريد (او هكذا خيل للشاعر) ، وكان في انطلاقها معنى جديد، تأمله الشاعر فإذا هو يحسدها عليه لأنه لا يملك هو نفسه أن يكون كذلك، مع كل توهمه أنه؟ وهو الرجل الشرقي - لا يعرف للانطلاق حدودا، صحيح أنه إذا قيس إلى المرأة الشرقية بدأ وكأنه يتمتع بحرية مطلقة، ولكن هذا الشعور يتضاءل لديه إزاء جانين، وكانت قصيدة " جودية " هي المدخل إلى " مذكرات امرأة لا مبالية "، وهذه اللامبالية ليست تلك الوجودية الفرنسية، ولكنها شرقية، وكل ما فيها من لامبالاة أنها أرسلت خواطرها حرة في مذكراتها (وأحيانا يتكلم نزار بالنيابة عنها ناسيا أنها موجودة) وعبرت توقها الممض إلى حرية الحب وحرية الجنس، وهي رغم ما تلجأ إليه من محاكمات عقلية وتاريخية تدخل احيانا منطقة الهستريا، والمذكرات عادية تطرح مشكلة واحدة، وتقترح لها حلا واحدا، وأبرز ما فيها أنها تصور خوف المرأة من الزمن، خوفها من أن تصل إلى مرحلة يكف فيها الجسد عن الاعتزاز بثماره، وهي أحيانا توسع من الأفق