رجل يمنحني شعلته ما أطيب رائحة الرجل

ولما كانت المرأة تفعل أي شيء من أجل إرضاء الرجل، فإن لديها؟ على عكس ما لدى الشاعر - قدرة على المصالحة التوفيقية بين الحب والجنس، في أغلب المواقف. بهذا المعنى؟ وبمعنى آخر سيجيء تبيانه من بعد - يمكن أن يسمى نزار شاعر المرأة، لأنه ينصفها، لأنه؟ وهو يحاول أن ينصفها - يرى فيها محض امرأة، لا فنانة شاعرة، ذلك لأنها في أقصى حالات الشاعرية تتمنى الفناء؟ حبا وجنسا - في الرجل.

فإذا تركنا عالم المشكلات، وفيه أصابع ثقافية فرويدية واضحة، وعدنا إلى عالم الأشياء والحركات، وجدنا الشاعر الجمالي طفلا (وإن تزويا بثوب المراهق أحيانا) يلعب بتلك الأشياء كما يلعب الطفل بالدمى، ويصور الحركات في إعجاب طفل يرى نيزكا لأول مرة. وهذا الطفل في نزار يقترب من تلك الأشياء والحركات، وهو مصمم على أن لا يحترق، وإنما يريد أن يرجع وقد قبض على لحظة شعرية " أني أحارب بالحروف وبالرؤى "، هو يرى ويسمع ويلمس، ولكن انبهار الطفل عنده لا يتجلى على أتمه إلا حين تكون المرأة بعيدة، ما أشد لهفة الطفل حين يقرأ خطايا جاءه من حبيبته، أو حين يمني نفسه بأنه سيحضر عيد ميلادها (قبل أن يحضره) ، أننا هنا لا نحس لهفة الرجل، بمقدار ما نحس لهفة الطفل، وقد ظل نزار يموه بالمزج بين اللهفتين، إلى أن صرح عن الحقيقة الخفية، ووضعنا في لحظات كشف أخرى في ديوانه " الرسم بالكلمات " فحدثنا أن الرجال كلهم أطفال:

لم تستطيعي بعد أن تتفهمي أن الرجال جميعهم أطفال

وبهذه الصورة نفسها تراه المرأة التي تتحمل كل شيء من غضبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015