ولكن هذا الامتداد لم ينقذ عبد الله " وتدلى رأس عبد الله/ في عز الظهيرة " لنبحث إذن عن حل آخر، لعله في التشبث بالحاضر والدخول في لفظة " الآن " دخولا لا منفذ له:

وإن لا أحزن الآن

ولكني أغني

أي جسم لا يكون الآن صوتا

إي حزن لا يضم الكرة الأرضية الآن

الآن؟ الآن؟.، بل لعله الخروج من الجلد ومبارحة شيخوخة المكان، ولكنه كلما فعل ذلك لم يجد " غير وجهه القديم الذي تركه على منديل أمه "، بل لعله الخروج خارج جدار الزمن والاستنامة إلى نوع جديد من الموت:

وبودي لو أموت؟.

خارج العالم في زوبعة مندثرة

ولكنه يعجز عن ذلك لأنه أتحد بالمحبوبة؟ الأرض - الأم وانتشر على جسمها كالقمح، كأسباب بقائه ورحيله، وهي تنتشر في جسمه كالشهوة، مستحيل أن يحقق ذلك: أنها تحتل ذاكرته كالغزاة، تحتل دماغه كالضوء، ما أقسى تلك المحبوبة! ليتها تقول له مرة واحدة " أنتهى حبنا " لكي يصبح قادرا (لا على النسيان) بل على الموت والرحيل، ليتها تصبح زوجة له " ليعرف الخيانة مرة واحدة "، اتحاد الشاعر بالمكان هو سر صلابته أمام الموت، أمام الزمن، مثلما هو في الوقت نفسه سبب الوجد والعذاب المبرح، وحين يبتعد عن المحبوبة قليلا يجد الزمن متحيزا متشخصا، فإذا عاد إلى اتحاده بها فقد الزمن ووجد هويته. وإذن فإن الحل؟ إن كان ثمة من حل - هو في التمسك بالصلابة والمقاومة حتى النهاية، فإنها وحدها القادرة على خلق الاستحالة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015