"قواعد إلهية"! فأورد حديث: "الدين هو العقل، ولا دين لمن لا عقل له"1، وحديث: "يأيها الناس، اعقلوا عن ربكم وتواصوا بالعقل تعرفوا ما أمرتم به وما نهيتم عنه، واعلموا أنه ينجدكم عند ربكم" 2 ... إلخ، ثم عقب عليهما قائلًا: "بهذه القواعد الإلهية نال العقل حريته، وتخلص من وثاق كان يثن منه ويتعثر في أصفاده، وصار هو المرشد الحقيقي للإنسان، وهي الوظيفة التي خلقه لأجلها الملك الديان"3.

إذًا، فهذه درجة الحكم العقلي لدى رجال المدرسة العقلية الاجتماعية، طبقوه ودعوا لذلك في تفسير القرآن الكريم، وهذا الأستاذ محمد فريد وجدي يقول في تفسير بعض الآيات: "كل هذه الآيات تتناولها القاعدة الأصولية التي انفرد بها هذا الدين؛ وهي أنه لو تعارض نص وعقل أو علم صحيح أُوِّلَ النص وأُخِذَ بحكم العقل أو العلم، وقد أَوَّل آباؤنا من هذه الآيات ما خالف عقولهم أو ناقض العلم الصحيح، ونحن نجري على سننهم فنؤول ما يخالف عقولنا منها.

جرى المسلمون على هذا السمت؛ فكان تطورهم العلمي يمدهم بالمعلومات، وعلماؤهم يؤولون الآيات؛ حتى تآخي العلم والدين، وسارا كفرسي رهان لا يسبق أحدهما الآخر، فانقسم الناس إلى فريقين: فريق للدين يقل كل يوم عددًا، وفريق للمدنية يزداد كل يوم مددًا؛ ولكن كانوا في وَحْدَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015