ويُروى أيضًا عن ابن مسعود موقوفًا عليه، وهو من علماء التفسير، فما معنى الظهر والبطن والحد والمطلع؟ وقال علي -كرم الله وجهه-: "لو شئت لأوقرت سبعين بعيرًا من تفسير فاتحة الكتاب"، فما معناه وتفسير ظاهرها في غاية الاقتصار، وقال أبو الدرداء: لا يفقه الرجل حتى يجعل للقرآن وجوهًا، وقد قال بعض العلماء: لكل آية ستون ألف فَهْم، وما بقي من فهمها أكثر، وقال آخرون: القرآن يحوي سبعة وسبعين ألف علم ومائتي علم؛ إذ كل كلمة علم، ثم يتضاعف ذلك أربعة أضعاف؛ إذ لكل كلمة ظاهر وباطن وحد ومطلع، وترديد رسول الله صلى الله عليه وسلم "بسم الله الرحمن الرحيم" عشرين مرة1، لا يكون إلا لتدبره باطن معانيها، وإلا فترجمتها وتفسرها ظاهر لا يحتاج مثله إلى تكرير، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبر القرآن"؛ وذلك لا يحصل بمجرد تفسيره الظاهر.
وبالجملة، فالعلوم كلها داخلة في أفعال الله عز وجل وصفاته، وفي القرآن شرح ذاته وأفعاله وصفاته، وهذه العلوم لا نهاية لها، وفي القرآن إشارة إلى مجامعها، والمقامات في التعمق في تفصيله راجع إلى فَهْم القرآن، ومجرد ظاهر التفسير لا يشير إلى ذلك؛ بل كل ما أشكل فيه على النظار، واختلف فيه الخلائق في النظريات والمعقولات، ففي القرآن إليه رموز ودلالات عليه يختص أهل الفَهْم بدركها"2.
ثم زاد ذلك بيانًا وتفصيلًا في كتابه جواهر القرآن، وقد اختصر حديثه هذا الأستاذ أمين الخولي3، واختصره أحسن منه الشيخ محمد حسين الذهبي،