التقية:

وفي تفسير قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} 1, قال: الاتقاء في الأصل: أخذ الوقاية للخوف ثم ربما استعمل بمعنى الخوف استعمالا لمسبب في مورد السبب, ولعل التقية في المورد من هذا القبيل.

والاستثناء منقطع, فإن التقرب من الغير خوفا بإظهار آثار التولي ظاهرا من غير عقد القلب على الحب والولاية, ليس من التولي في شيء؛ لأن الخوف والحب أمران قلبيان متباينان ومتنافيان أثرا في القلب, فكيف يمكن اتحادهما؟ فاستثناء الاتقاء استثناء منقطع.

وفي الآية دلالة ظاهرة على الرخصة في التقية على ما روي عن أئمة أهل البيت -عليهم السلام- كما تدل عليه الآية النازلة في قصة عمار وأبويه ياسر وسمية وهي قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106] .

وبالجملة, الكتاب والسنة متطابقان في جوازها في الجملة والاعتبار العقلي يؤكده, إذ لا بغية للدين ولا هم لشارعه إلا ظهور الحق وحياته وربما يترتب على التقية والمجاراة مع أعداء الدين ومخالفي الحق من حفظ مصلحة الدين وحياة الحق, ما لا يترتب على تركها وإنكار ذلك مكابرة وتعسف2.

وقال أيضا: "أقول: والأخبار في مشروعية التقية من طرق أئمة أهل البيت كثيرة جدا, ربما بلغت حد التواتر, وقد عرفت دلالة الآية عليها دلالة غير قابلة للدفع"3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015