وحض الناس على الاقتداء بالرسول الكريم، وعلى العمل بسُنَّته الطاهرة. وكان يطبق ذلك على نفسه وأهله، فقد سمع من الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قوله: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ» (?)، فكان هذا ديدنه، يصوم النهار، ويقوم الليل، يقوم ثلث الليل، ثم يوقظ امرأته فتقوم ثلثه، ثم توقظ هذه ابنته لتقوم ثلثه (?)، هكذا كانوا يتناوبون العبادة في الليل. وقد شهد بذلك ضيوفه وإخوانه، الذين خالطوه وعرفوه، وعاشوا معه.
وكان ورعاً تقياً يحب التقرُّب إلى الله، وكثيراً ما كان يقابل المسيء بالحُسنى، من هذا أنَّ زنجيَّة كانت له، قد غمتهم بعلمها، فرفع عليها يوماً السوط، ثم قال: «لَوْلاَ القِصَاصُ يَوْمَ القِيَامَةِ لأَغْشَيْتُكِ بِهِ وَلَكِنِّي سَأَبِيعُكِ مِمَّنْ يُوَفِّينِي ثَمَنَكِ أَحْوَجَ مَا أَكُونُ إِلَيْهِ، اذْهَبِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ للهِ عَزَّ وَجَلَّ».
وكان لأبي هريرة مسجد في مخدعه، ومسجد في بيته، ومسجد في حُجرته، ومسجد على باب داره، إذا خرج صلَّى فيها جميعاً، وإذا دخل صلى فيها جميعاً (?).
وكان يكثر من التسبيح والتكبير في أطراف النهار والليل، وكان يُسبِّحُ كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، ويقول: «أُسَبِّحُ بِقَدْرِ ذَنْبِي» (5)، وكان يكثر الاستعاذة بالله من النار، ويُذَكِّرُ الناس بالله - عَزَّ وَجَلَّ -، ويحثَّهُمْ على طاعته (6).
وكثيراً ما كان يُحَذِّرُ الناس من فساد الزمان، فيقول: إذا رأيتم