سنة (215 هـ)، وطلب الحديث صغيراً، ورحل إلى قتيبة بن سعيد وله خمس عشرة سَنَةً (230 هـ) وأقام عنده سَنَةً وشهريْنِ، وسمع إسحاق بن راهويه، وهشام بن عمار، ومحمد بن النصر المروزي، وأمثالهم، ورحل إلى الحجاز والعراق، ومصر، والشام والجزيرة، وبرع في هذا الشأن، وتفرَّد بالمعرفة والإتقان، وعلو الإسناد، واستوطن مصر وحَدَّثَ عنه كثيرون، وكان كثير العبادة في الليل والنهار مُتمسِّكاً بالسُنَّة، ورعاً مُتحرِّياً. والراجح بالنسبة لوفاته أنه خرج من مصر في شهر ذي القعدة سَنَةَ (302 هـ) وتوفي بفلسطين بالرملة يوم الاثنين (13 صفر سَنَةَ 303 هـ)، ودُفِنَ ببيت المقدس، - رَحِمَهُ اللهُ -.

وإلى جانب علمه بالحديث وعلومه، كان فقيهاً، شافعي المذهب، وله مناسك على مذهب الإمام الشافعي. قال علي بن عمر الحافظ: «أَبُو عَبْدِ الْرَّحْمَنِ الْنَّسَائِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَىَ كُلِّ مَنْ يُذْكَرُ فِيْ زَمَانِهِ فِي هَذَا العِلْمِ».

وقد صَنَّفَ " سُنَنَهُ " ولم يخرج فيها عن راوٍ أجمع النُقَّادُ على تركه، فكانت " السُنن الكبرى "، التي قدّمها إلى أمير الرملة. فقال له: أكل ما فيها صحيح؟ فقال: فيها الصحيح والحسن وما يقاربهما. فقال له: فاكتب لنا الصحيح منه مجرداً. فاستخلص من " السُنن الكبرى " " السُنن الصغرى " وسمَّاهَا " المُجتبى من السُنن "، وقيل " المُجْتَنَى "، والمعنى واحد. و " السُنن الصغرى " أقل السُنن حديثاً ضعيفاً، ولهذا كانت برتبة " سنن أبي داود " أو دونا بقليل، ولم يذكر في " المجتبى " من السنن، كل حديث تكلم في إسناده بالتعليل. وله عدَّةَ مؤلفات سوى " السُنن " منها " الضعفاء والمتروكون " طبع بالهند سَنَةَ (1235 هـ).

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015