قيل لعبد الله بن عمر: لا نَجِدُ صَلاةَ السَّفَرِ فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: « ... إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا نَعْلَمُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ» (1) وفي رواية قال: «وَكُنَّا ضُلاَّلاً فَهَدَانَا اللَّهُ بِهِ، فَبِهِ نَقْتَدِي» (2).
والأخبار عن الصحابة والتابعين وأهل العلم من بعدهم كثيرة جداً. نختتمها بهذا الخبر، فقد روى ابن ماجه أنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ الأَنْصَارِيَّ، النَّقِيبَ، صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَزَا مَعَ مُعَاوِيَةَ أَرْضَ الرُّومِ، فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ وَهُمْ يَتَبَايَعُونَ كِسَرَ الذَّهَبِ بِالدَّنَانِيرِ، وَكِسَرَ الْفِضَّةِ بِالدَّرَاهِمِ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ الرِّبَا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لا تَبْتَاعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، إِلَّا مِثْلاً بِمِثْلٍ، لاَ زِيَادَةَ بَيْنَهُمَا وَلا نَظِرَةً»، فَقَالَ: لَهُ مُعَاوِيَةُ: «يَا أَبَا الْوَلِيدِ، لا أَرَى الرِّبَا فِي هَذَا، إِلا مَا كَانَ مِنْ نَظِرَةٍ»، فَقَالَ عُبَادَةُ: «أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُحَدِّثُنِي عَنْ رَأْيِكَ لَئِنْ أَخْرَجَنِي اللَّهُ لا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ لَكَ عَلَيَّ فِيهَا إِمْرَةٌ»، فَلَمَّا قَفَلَ لَحِقَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «مَا أَقْدَمَكَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، وَمَا قَالَ مِنْ مُسَاكَنَتِهِ، فَقَالَ: «ارْجِعْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ إِلَى أَرْضِكَ، فَقَبَحَ اللَّهُ أَرْضًا لَسْتَ فِيهَا وَأَمْثَالُكَ»، وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ: لا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ، وَاحْمِلِ النَّاسَ عَلَى مَا قَالَ، فَإِنَّهُ هُوَ الأَمْرُ» (?).
وأولئك صحابة رسول الله الذين لم يرضوا ترك سُنَّةً كان عليها رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يقبلوا مع السُنَّة رأي أحد مهما كان شأنه، ومهما عَلَتْ مكانته، أولئك الذين حفظوا الحديث النبوي، ووجَّهُوا