السُنَّة موقفاً عظيماً، وردُّوا على كل من فهم ذاك الفهم. روى أبو نضرة عن عمران بن حُصين: «أنَّ رجلاً أتاه فسأله عن شيء، فحدَّثه، فقال الرجل: حدِّثُوا عن كتاب الله عز وجل، ولا تحدِّثُوا عن غيره، فقال: إِنَّكَ امْرُؤٌ أَحْمَقُ!! أَتَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، لاَ يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ»، وعَدَّ الصلوات، وعَدَّ الزكاة ونحوها، ثُمَّ قَالَ: «أَتَجِدُ هَذَا مُفَسَّرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ كِتَابُ اللَّهِ أَحْكَمَ ذَلِكَ، وَالسُّنَّةَ تُفَسِّرُ ذَلِكَ» (?).

ونهج التابعون وأتباعهم والمسلمون من بعدهم سبيل الصحابة في المحافظة على السُنَّة والعمل بها وإجلالها، قال رجل للتابعي الجليل مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ: لاَ تُحَدِّثُونَا إِلاَّ بِالْقُرْآنِ، فَقَالَ مُطَرِّفٌ: «وَاللَّهِ مَا نُرِيدُ بِالْقُرْآنِ بَدَلاً، وَلَكِنْ نُرِيدُ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِالْقُرْآنِ مِنَّا» (?).

وأخبار اقتداء الصحابة بالرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمحافظة على سُنَّته تفوق الحصر، وسأورد بعضها على سبيل الذكرى.

أتت فاطمة بنت رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا بكر تطلب سهم رسول الله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - فقال لها: «إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً، ثُمَّ قَبَضَهُ جَعَلَهُ لِلَّذِي يَقُومُ بَعْدَهُ "، فَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدُّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ». فَقَالَتْ: فَأَنْتَ وَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمُ (?).

وقال في رواية: «لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ بِهِ إِلاَّ عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ» (?).

وفي وقعة اليرموك كتب القادة إلى عمر بن الخطاب: «إِنَّهُ قَدْ جَاشَ إِلَيْنَا الْمَوْتُ» يستمدونه فكان فيما أجابهم: «إِنِّي أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ هُوَ أَعَزُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015