الأمم من نير العبودية إلى الحرية وعبادة إله واحد ... فكان الإسلام شرفاً عظيماً لهم، كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (?).

والذكر هو الشرف العظيم، وكان العرب بحق كما قال الله تعالى:

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (?).

يتبيَّنُ لنا مما ذكرت أنَّ هؤلاء العرب الأشدَّاء، الذين فرضت عليهم الطبيعة الصحراوية حياة خاصة، قد انطوت نفوسهم على خصال طيِّبة، وصفات كريمة، وميول سامية، وراءها دوافع قوية، وحيوية فائقة، ولكنه كان ينقصهم العقيدة الصالحة، التي تُوجِّهُهُم في هذه الحياة، وتؤثر في جميع تصرُّفاتهم، كما كان ينقصهم النظام الحسن، فما أنْ وجدوهما في الإسلام دين الحنيفية السمحة، والفطرة الصافية، حتى كانوا خير حافظ لها، بعد أنْ آمنوا بها، وتجاوبوا معها، وأصبحوا أول داعٍ إليها، ومن ثم فتحوا قلوبهم للرسول الكريم - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، وأصغوا إليه، والتفُّوا حوله ينهلون من المعين الذي لا ينضب، ويتلقَّون تعاليم الإسلام من رائده، ليقوموا بدورهم في هداية الناس جميعاً، وهكذا تضافر العامل الفطري الذي تميَّز به العرب مع العامل المكتسب الجديد (الروحي)، فظهر الرعيل الأول الذي حمل مشعل النور والحق إلى العالم، وساهم في تحرير الإنسان من عبودية الظلم والجهل والفقر، وأخذ بيده إلى سبيل السداد والرشاد، ظهر ذلك الرعيل العظيم الذي نقل القرآن الكريم والسُنَّة الطاهرة بكل أمانة وإخلاص.

بعد هذا نتكلم عن السُنَّة وتعريفها ومكانتها من القرآن الكريم، وعن الصحابة وعدالتهم بما يُمَهِّدُ لنا السبيل إلى البحث.

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015