ثُمَّ هل في عمل أبي هريرة وسعيه - كي لا يكون عالةً على قومه - عيبٌ؟ وهل كان العمل في يوم من الأيام عاراً؟.
وأغرب من هذا أنه يأخذ على أبي هريرة (حفاه) ويَدّعِي (عُرْيَهُ) راضياً بهذا الهوان.
أقول هل كان جميع الناس ينتعلون الأحذية والنعال؟ ومتى كان مقياس العدالة الانتعال أو عدمه؟ ونحن في القرن العشرين ما سمعنا في يوم من الأيام بسقوط عدالة حاف، أو ثبوت عدالة منتعل!! والحُفاة كثيرون. فالناس سواء حفاتُهُم ومنتعلوهم، وإنما المفاضلة في التقوى وحُسْن الخُلُق، كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (?).
وإني لأعجب من ادِّعائه (عُرْيَ) أبي هريرة، وأتساءل كيف استنتج هذا؟ ومن نقل إليه ذلك؟. ثم هل في كل ما سبق هوان وذُلٌّ لأبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
ثم يقول الكاتب: «لكن لما أظهر الله أمر نبيه صلى الله عليه وآله في المدينة الطيِّبة بعد بَدْرٍ وَأُحُدْ والأحزاب وبعد اللتيا والتي. لم يكن لهذا البائس المسكين حينئذ مذهب عن باب رسول الله صلى الله عليه وآله فهاجر إليه بعد فتح خيبر فبايعه على الاسلام. وكان ذلك سَنَةَ سبع للهجرة بانفاق أهل الاخبار.
أما صحبته فقد صَرَّحَ أبو هريرة ـ في حديث أخرجه البخاري ـ بأنها كانت ثلاث سنين» [صفحة: 5].
لقد سبق أنْ بَيَّنْتُ أنَّ الفقر والمسكنة لا يحطان من قدر المرء ومكانته إلاَّ عند من أعمت المادة قلوبهم، ولم يكن دخول الجنة مشروطاً باللُّبس والبذخ. «رُبَّ أَشْعَثَ، مَدْفُوعٍ بِالأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ» (?).
ولعل المؤلف يَرُدُّ هذا الحديث لأنَّ راويه أبو هريرة.
ثم أنَّ أبا هريرة أسلم قبل خيبر على يد الطفيل بن عمرو (?) وإنما هاجر