روى البخاري عن عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قوله: «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» (?).

أجل لم يكن أحد من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكثر حديثاً من أبي هريرة، ولكنه كان حذراً، لا يُحَدِّثُ إلاَّ بما ينتفع به الناس، ويخشى أنْ يُتَقَوَّلَ عليه ما لم يقل، أو أنْ يضع السامعون ما يُحدِّثُ به في غير مواضعه، لذلك أبى أنْ يُمْلِي على مروان بن الحكم حديثه كله، عندما طلب منه مروان - في ولايته على المدينة - أنْ يكتب حديثه. وقال له: أبو هريرة: ارْوِ كما روينا، فلما أبى عليه تحيَّنَ له مروان فرصة مناسبة، وأقعد له كاتباً ثقفاً، ودعاه، فجعل أبو هريرة يُحَدِّثُهُ، ويكتب ذلك الكاتب، حتى استفرغ حديثه، ثم قال مروان: «تَعْلَمُ أَنَّا قَدْ كَتَبْنَا حَدِيْثَكَ أَجْمَعَ؟»، قَالَ: «وَقدْ فَعَلْتَ!!؟» قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: «فَاقْرَؤُوْهُ عَلَيَّ».فَقَرَأُوهُ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «أَمَا إِنَّكُمْ قَدْ حَفِظْتُمْ، وَإِنْ تُطِعْنِي تَمْحُهُ، - قَالَ الراوي -: «فَمَحَاهُ» (?).

...

حفظ أبي هريرة:

رأيت أنَّ أُفْرِدَ هذه الفقرة، تحت عنوان «حفظ أبي هريرة» لنعرف ضبطه لما يرويه، ومقدار تثبُّته في حفظ حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَرُسُوخِ قدمه، وجلال قدره، وكان من الممكن إدراج هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015